و ظهر بذلك عدم صحّة ما ذكره المحقّق العراقي؛ حيث إنّه ذكر: أنّ الفرق بينهما إنّما هو في كيفيّة تعلّق الأمر، و أنّ الأمر إن كان واحداً فهو ارتباطيّ، و إلّا فاستقلاليّ [1]؛ و ذلك لما عرفت من أنّهما متمايزان في رتبة سابقة على تعلّق الأمر.
و أيضاً الفرق بينهما: هو أنّ الأقلّيّة و الأكثريّة أمران يعتبرهما المكلّف في الاستقلاليّين، و إلّا فليس الأقلّ فيهما أقلّ لأكثر واقعاً، بل هما موضوعان مستقلّان في نفس الأمر، بخلاف الارتباطيّين، فإنّهما في نفس الأمر كذلك؛ يعني الأقلّ منهما أقلّ للأكثر واقعاً.
و ظهر أيضاً ممّا ذكرناه محطّ البحث في الارتباطيّين: و هو أن يكون الأقلّ لا بشرط بالنسبة إلى الأكثر؛ بحيث لو أتى بالأكثر، و كان الواجب واقعاً هو الأقلّ، حصل الامتثال بالنسبة إليه، بخلاف ما لو اعتبر الأقلّ بشرط لا عن الأكثر، و فرض أنّ الواجب واقعاً هو الأقلّ، فإنّهما حينئذٍ كالمتباينين.
و ظهر أيضاً: أنّه لا وجه لوجوب الاحتياط في الاستقلاليّين؛ لأنّ الشكّ في الأكثر بَدْويّ، كسائر الشبهات البدوية، فهو مجرى أصالة البراءة العقليّة و النقليّة.
الأمر الثاني: في بيان أقسام الأقلّ و الأكثر الارتباطيّين
فإنّهما إمّا من قبيل الكلّ و الجزء الخارجيّين، و إمّا من قبيل الكلّ و الجزء العقليّين الانحلاليّين، مثل: الرقبة و الرقبة المؤمنة؛ حيث إنّ الإيمان ليس جزءاً خارجيّاً بل عقليّ، و إمّا من قبيل الشرط و المشروط، مثل: الوضوء بالنسبة إلى الصلاة، و إمّا في متعلّق التكليف، و إمّا في موضوعه، و إمّا في الأسباب و المحصّلات الشرعيّة أو العقليّة أو العاديّة، و إمّا من قبيل الجنس و النوع، و إمّا من قبيل الحصّة و الطبيعة.