و ثانياً: أنّ ملاك التقسيم هو اختلاف الأقسام بنفسها، مثل: الكلمة: إمّا اسم، أو فعل، أو حرف، و التخيير في الأقسام الثلاثة التي ذكرها لا ملاك له، غاية الأمر أنّ ما فيه التخيير مختلف، و اختلافه لا يوجب اختلاف الأقسام و تكثيرها، و إلّا فالأقسام تزيد على ما ذكره، فإنّ التخيير قد يقع في باب الكفّارات، و قد يقع بين القصر و الإتمام في أماكن التخيير، و غير ذلك.
و لكن سيأتي البحث عن كلّ واحد من الأقسام الثلاثة التي ذكرها (قدس سره) فيما سيأتي إن شاء اللَّه.
الأمر الثالث: الملاك كلّ الملاك في جريان البراءة العقليّة هو الشكّ في التكليف، كما أنّ الملاك في الحكم بالاشتغال هو الشكّ في سقوط التكليف بعد العلم بثبوته و أمّا اشتراط كون المرفوع ممّا في رفعه الامتنان و أمراً مجعولًا- أي:
ممّا تناله يد الوضع و الرفع الشرعيين- فهو من شرائط البراءة النقليّة لا العقليّة.
الأمر الرابع: ذكر بعض الأعاظم: أنّه كما يمكن اشتراط التكليف بشرطٍ في عالم التشريع- كاشتراط وجوب الحج بالاستطاعة- كذلك يمكن حدوث اشتراط للتكليف في مرحلة بقائه، كما لو فرض اشتراط وجوب الصلاة بقاءً بعدم الصيام، و هذان الفرضان متعاكسان في جريان البراءة و الاشتغال عند الشكّ فيهما، فلو شكّ في إطلاق التكليف و اشتراطه في الابتداء، فالأصل يقتضي البراءة عند عدم وجود ما يشكّ في شرطيّته؛ للشكّ في التكليف حينئذٍ.
و لو شكّ فيهما في الثاني- أي: بقاءً- فالأصل يقتضي الاشتغال؛ لأنّ مرجعه إلى الشكّ في سقوط التكليف بالإتيان بالصلاة [1]. انتهى.
أقول: القسم الثاني الذي ذكره غير متصوّر، و هو اشتراط التكليف في مرحلة البقاء فقط؛ و ذلك لأنّه إن أراد أنّ الحكم مطلق و مشروط معاً فهو محال، و إن أراد