فنقول: ما ينحلّ به العلم الإجمالي: إمّا هو العلم الوجداني التفصيلي، و أمّا قيام الأمارة المعتبرة كذلك، و إمّا الأصل الجاري في أطرافه.
و على أيّ تقدير: إمّا أن يقترن العلم الإجمالي لما ينحلّ به، أو يتقدّم عنه، أو يتأخّر عنه، و قد يكون المتقدّم و المتأخّر و المقارن منهما المعلومين لا العلمين، فلا بدّ من بيان ما هو المناط و الميزان للانحلال الحقيقي أو التعبّدي.
فقد يقال: إنّ الانحلال الحقيقي يتوقّف على حصول علمين: العلم التفصيلي بمقدار المعلوم بالإجمال، و العلم بانطباق المعلوم بالتفصيل على المعلوم بالإجمال؛ بحيث لو لم يتحقّق العلم الثاني لم يتحقّق الانحلال الحقيقي، فلو علم بموطوئيّة عشرة غنام إجمالًا في قطيع منها، و حصل العلم التفصيلي بموطوئيّة عشرة معيّنة من القطيع المذكور، فلا يتحقّق الانحلال الحقيقي إلّا إذا عُلِمَ بانطباق تلك العشرة على العشرة المعلومة بالإجمال، و إلّا فلو احتمل أنّها غيرها لم يتحقّق الانحلال حينئذٍ.
و قد يقال بعدم احتياجه إلى العلم الثاني بالانطباق في تحقّق الانحلال الحقيقي، فإنّه بعد العلم التفصيلي بأنّ عشرة معيّنة- من قطيع الغنم المذكورة في المثال- موطوءة، يحصل الانطباق على المعلوم بالإجمال قهراً، و إلّا يلزم تعلُّق علمين بشيء واحد، و هو محال.
و اجيب عنه (المجيب المحقّق العراقي في المقالات): بأنّه ممنوع؛ لأنّه مع عدم العلم الثاني- أي العلم بانطباق المعلوم بالتفصيل على المعلوم بالإجمال- يحتمل وجداناً انطباق هذا على ذاك و عدمه، و هذا آية بقاء العلم الإجمالي و عدم انحلاله.
و أمّا استحالة تعلّق علمين بشيء واحد، فهو- أيضاً- ممنوع؛ لأنّ العلم يتعلّق بالصور الذهنيّة بما أنّها كاشفة عن الخارج، لا بنفس الخارج، و لا مانع من وجود صورتين في النفس تعلّق بكلّ واحدة منهما علمٌ مع كشفهما عن واحد