فإنَّ هذين الخبرين نصّان في الحكم بالتخيير في باب التعارض و مقتضى الجمع بينهما و بين المقبولة- الظاهرة في وجوب الوقوف- حملُ المقبولة على الاستحباب.
مضافاً إلى أنّه مع قطع النظر عن هاتين الروايتين نقول: إنّ قوله:
(الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة)
تعبير آبٍ عن التخصيص و غير قابل له، بل و للتقييد أيضاً، و هو شامل لجميع الشبهات حتى الوجوبيّة، مع أنّ الأخباري لا يقول بوجوب الاحتياط فيها، فالأمر دائر بين التخصيص أو التقييد المستهجن المستبشع، و بين الحمل على الاستصحاب، فلا ريب أنّ الثاني هو المتعيّن.
فتلخّص: أنّ المقبولة- التي لعلّها العُمدة في مستند الأخباريّين- لا تدلّ على مطلوبهم.
و منها:
ما رواه الشيخ (قدس سره) بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن سليمان بن داود، عن عبد اللَّه بن وضّاح قال: كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) يتوارى القرص، و يقبل الليل، ثمّ يزيد الليل ارتفاعاً، و تستتر عنّا الشمس، و ترتفع فوق الجبل حمرة، و يؤذّن عندنا المؤذّنون، أ فاصلّي- حينئذٍ- و أفطر إن كنت صائماً، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل فكتب (عليه السلام) إليَّ: (أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة، و تأخذ بالحائطة لدينك)