بالاضطرار، فقد يريد الشيء اختياراً، و قد لا يريده كذلك.
و أمّا البرهان على ذلك: فهو أنّه لا ريب في أنّ علمه تعالى عين ذاته، و كذلك قدرته و إرادته، خلافاً للحشويّة؛ حيث إنّهم ذهبوا إلى أنّ إرادته تعالى زائدة عن ذاته [1] لبعض رواياتٍ ظاهرها ذلك [2]، لكنّ البراهين الكثيرة القاطعة قائمة على خلاف ذلك و على بطلان مذهبهم، و أنّ إرادته تعالى- كعلمه و قدرته- عينُ ذاته، و ليس المقام مقام ذكرها، لكن نذكر واحداً منها:
و هو أنّه لو كانت إرادته زائدة عن ذاته تعالى، لزم أن يُتصوَّر وجود الأكمل منه تعالى و النقص في وجوده، و هو محال:
أمّا الأوّل: فلأنّه لو فرض أنّ في العالم موجوداً علمه و إرادته عين ذاته و في مرتبة ذاته، فهو أكمل من الذي ليس علمه و إرادته عين ذاته و في مرتبتها، بل زائداً على ذاته، فيلزم أن يكون هو المبدأ.
و أمّا الثاني: فلأنّه لو فرض أنّ مرتبة الذات خالية عنها يلزم التركيب، المستلزم للإمكان الذي هو نقص في ذاته؛ و ذلك لأنّ للذات جهةَ فعليّةٍ و جهةَ قوّةٍ و استعداد لقبولها، و حامل القوّة و الاستعداد هو الهيولى، فيلزم تركُّب ذاته من الهيولى و الصورة، فيلزم التركيب في ذاته تعالى، و المركّب محتاج إلى أجزائه، و المحتاج ممكن، و الإمكان نقص، و هو محال. و هاتان الاستحالتان ناشئتان عن فرض زيادة الإرادة على الذات، فيلزم القول بأنّ إرادته و قدرته عين ذاته، و لا محيص عنه، و لا يُنافي ذلك بساطته، و ليس معنى القدرة صحّة الفعل و الترك، بل معناها: إن شاءَ فعل، و إن لم يشأ لم يفعل؛ و لو بمشيّةٍ أزليّة.
و أمّا الآيات و الروايات: منها أحكاميّة تتضمّن الأحكام الإلهيّة، و هي مُنزّلة