(إنّ اللَّه- عزّ و جلّ- أحلّ حلالًا، و حرّم حراماً، و فرض فرائض، و ضرب أمثالًا، و سنّ سُنناً ...- إلى أن قال-: فإن كنت على بيّنة من ربّك، و يقين من أمرك، و تبيان من شأنك، فشأنك، و إلّا فلا ترومنّ أمراً أنت منه في شكّ و شبهة)
. أقول: ذكر هذه الجملة من الرواية في الوسائل في باب وجوب التوقّف و الاحتياط، و لكن لا يخفى على من راجع أصل الرواية صدراً و ذيلًا- في اصول الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ و المُبطل في أمر الإمامة- أنّها غير مربوطة بما نحن فيه أصلًا، فإنّ الرواية هكذا:
إنّ زيد بن عليّ بن الحسين دخل على أبي جعفر (عليه السلام) و معه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم، و يخبرونه باجتماعهم، و يأمرونه بالخروج.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): (هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم، و دعوتهم إليه؟). فقال: ابتداء من القوم ...- إلى أن قال-: فغضب زيد عند ذلك، ثمّ قال: ليس الإمام منّا من جلس في بيته، و أرخى ستره، و ثبّط عن الجهاد، و لكن الإمام منّا من منع حوزته، و جاهد في سبيل اللَّه حقّ جهاده، و دفع عن رعيّته و ذبّ عن حريمه.
قال أبو جعفر: (هل تعرف- يا أخي- من نفسك شيئاً ممّا نسبتها إليه، فتجيء عليه بشاهد من كتاب اللَّه، أو حجّة من رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) أو تضرب به مثلًا، فإن اللَّه- عزّ و جلّ- أحلّ حلالًا، و حرّم حراماً، و فرض فرائض، و ضرب أمثالًا، و سنّ سُنناً، و لم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض اللَّه له من الطاعة؛ أن يسبقه بأمرٍ قبل محلّه، أو يجاهد فيه قبل حلوله، و قد قال اللَّه- عزّ و جلّ- في الصيد: «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ»[1]أ فقتل الصيد أعظم، أم قتل النفس التي حرّم اللَّه؟! ... فجعل لكلّ شيء أجلًا، و لكلّ أجلٍ كتاباً، فإن كنت على بيّنة من ربّك