و لبّس عليهم أمر دينهم، و أرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم، فقالوا: لِمَ و متى و كيف؟
فأتاهم الهُلْكُ من مأمن احتياطهم، و ذلك بما كسبت أيديهم «وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ»[1]، و لم يكن ذلك لهم و لا عليهم، بل كان الفرض عليهم و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر، و ردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه و مستنبطه؛ لأنّ اللَّه تعالى يقول في كتابه: «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ»[2]؛ يعني آل محمّد، و هم الذين يستنبطون من القرآن، و يعرفون الحلال و الحرام، و هم الحجّة للَّه على خلقه)
و هذه الرواية- أيضاً- في مقام التوبيخ و التعيير على العامّة العمياء الذين تركوا أهل البيت، و لم يرجعوا إليهم في أحكامهم و معرفة الحلال و الحرام، و حكموا من عند أنفسهم على طبق الأقيسة و الاستحسانات العقليّة.
الثانية: ما دلّ على النهي عن التقوّل بغير علم [4]
، و قد تقدّم أنّه ليس المراد بالعلم العلم الوجداني الجازم، بل المراد هو الحجّة، و إلّا لما صحّ التمسُّك بالأمارات و الاصول المعتبرة الغير القطعيّة، و أصالة البراءة منها، فالاستنادُ إليها بمثل حديث الرفع و نحوه استنادٌ إلى الحجّة المعتبرة.
الثالثة: ما دلّ على وجوب الوقوف عند الشبهة
بنحو الإطلاق، الدالّة على وجوب الاحتياط و تثليث الامور، مثل
ما رواه الكليني (قدس سره) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن الجارود، عن موسى بن بكر بن داب، عمّن حدّثه، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال لزيد بن علي: