قيام الدليل و الحجّة للمولى على العبد؛ و حكمه بقبح العقاب بلا حجّة وجهة.
ثمّ إنّه قد يتوهّم معارضة قاعدة قبح العقاب بلا بيان مع قاعدة عقليّة اخرى، و هي حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، بل ورود الثانية على الاولى؛ لأنّ البيان أعمّ من البيان العقلي و النقلي، فمع حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ينتفي موضوع الحكم في القاعدة الاولى [1].
و أورد عليه بعض الأعاظم (و هو المحقّق العراقي (قدس سره)): بمنعِ ذلك و حكومةِ قاعدة قبح العقاب بلا بيان على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل؛ إذ بعد جريان القاعدة الاولى نعلم قطعاً بعدم الضرر، و لا يحتمل الضرر في مورد الشبهة حتّى تجري فيه قاعدة دفع الضرر المحتمل، و أنّ جريانها دوريّ؛ لتوقُّف الحكم بوجوب دفع الضرر على احتماله توقُّف الحكم على موضوعه، و احتمالُه- أي الضرر- في مورد الشبهة موقوف على جريان تلك القاعدة فيه، لا قاعدة قبح العقاب بلا بيان؛ لوضوح أنّه مع جريان هذه لا يُحتمل الضرر [2]. انتهى محصّل كلامه.
أقول: المراد بالضرر في موضوع القاعدة: إمّا هو العقوبة الاخرويّة، أو غيرها ممّا سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.
فعلى الأوّل: لا معنى للحكومة و الورود في المقام، فإنّ كلّ واحدة من قاعدتي قبح العقاب بلا بيان و وجوب دفع الضرر المحتمل، كبرى كلّيّة مركّبة من موضوع و محمول، فموضوع الاولى عدم البيان، و هو- أيضاً- كلّيّ غير قابل للرفع، و محمولها قبح العقاب عليه، فهي قضيّة موضوعها أمر كلّيّ في قوّة قضيّة شرطيّة؛ كأنّها عبارة عن أنّه لو تحقّق في موردٍ عدمُ البيان يقبح العقاب فيه، و هذا أمر غير قابل للرفع، فلو فرض صدور البيان في جميع الأحكام الشرعيّة و عدم وجود حكمٍ