الحقيقي [1]، إنّما هو لدفع هذا الإشكال- أيضاً- الوارد عليه.
ثمّ على فرض قُبح التجرّي هل يسري قبحه إلى الفعل الخارجي الصادر منه أولا؟ فلا بدّ من ملاحظة ما يصدق على الفعل الصادر منه في الخارج، و ينطبق عليه بالذات أو بالعرض من العناوين، حتّى يتّضح الحال في المقام.
فنقول: إنّ ما يصدق على الفعل الصادر من المتجرّي هو شرب الماء فيما لو قطع بأنّ مائعاً خمر، فبان أنّه ماءٌ، و كذلك يصدق عليه الطغيان على المولى و هتك حرمته في بعض الموارد، و لكن لا يصدق عليه التجرّي؛ لأنّه من الصفات النفسانيّة القائمة بالنفس، فلا يمكن صدقه على الفعل الخارجي، غاية الأمر أنّ له إضافة إلى الخارج، و هو كاشف عنه، فلا ينطبق على الخارج؛ ليصير الفعل الخارجي قبيحاً، و لا معنى لخروج الواقع عمّا هو عليه بذلك، و ليس هنا وصف ملازم للتجرّي دائماً ينطبق على الفعل الخارجي ليتّصف بالقُبح؛ لما عرفت من أنّ الطغيان و هتك حرمة المولى ربّما لا يتحقّقان بالتجرّي.
الأمر الثاني: إنّ المناط في صحة العقوبة هو صدور الفعل عن إرادة و اختيار
ثمّ إنّه قال في «الكفاية» في المقام ما حاصله: إنّ العقاب و الثواب يترتّبان على العزم على المعصية و الإطاعة.
ثم استشكل عليه: بأنّ الإرادة و العزم ليسا بالاختيار و إلّا لتسلسل.
و أجاب عن ذلك:
تارة: بأنّها و إن كانت كذلك، إلّا أنّ بعض مباديها- غالباً- بالاختيار؛ للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب عليه من تبعة العقوبة و اللّوم و المذمّة.