لأنّا نقول: نعم، لكنّه خارج عن الفرض، فإنّ الذي يرد فيه نهي هو ذلك العنوان الذي له اقتضاء الحرمة، لا أنّ النهي يرد في مورد الإباحة، و فرق بينهما، فإنّ الماء- مثلًا- مباح، و الغصب حرام، و انطباق عنوان الغصب على الماء لا يقتضي صدق ورود النهي على الماء المغصوب بعنوانه.
هذا إذا اريد ما هو ظاهر الخبر: من أنّ الإباحة مغيّاة بورود النهي في موردها.
و أمّا إذا اريد من ورود النهي تحديد الموضوع و تقييده، و أنّ المراد أنّ ما لم يرد فيه نهي فهو مباح، و أنّ ما ورد فيه نهي فهو ليس بمباح، فهو:
إن كان بمعنى المعرِّفيّة فلا محالة يكون حمل الخبر عليه حملًا على ما هو كالبديهي الذي لا يناسب شأن الإمام (عليه السلام).
و إن كان بمعنى تقييد موضوع أحد الضدّين بعدم الضدّ الآخر حدوثاً أو بقاءً فهو غير معقول؛ لأنّ عدم الضدّ ليس شرطاً لوجود ضدّه لا حدوثاً و لا بقاءً [1]. انتهى.
أقول: يمكن جعل الإباحة في مقامٍ فيه اقتضاء الحرمة؛ لمنع مانع عن تأثير مقتضي الحرمة و الحكم بها، و حينئذٍ فيصحّ الحكم بإباحته ابتداءً، و لا يلزم نَشْو الإباحة الشرعيّة دائماً عن لا اقتضائيّة الموضوع، بل يمكن جعل الإباحة في مورد فيه اقتضاء الحرمة و النهي، و لكن يمنع مانع عن النهي عنه فعلًا، فإنّ الأحكام الشرعيّة لم تصدر دفعة واحدة؛ لاستلزامه الفساد، بل صدرت تدريجاً في مدّة مديدة مع ما في موضوعاتها من اقتضاء الحرمة ابتداءً و في ظرف الحكم بالإباحة، و النسخ الواقع في الأحكام من هذا القبيل، فما ذكره (قدس سره) أوّلًا غير مستقيم.