ثمّ قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): (و كذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحداً في ضيق، و لم تجد أحداً إلّا و للَّه عليه الحجّة، و للَّه فيه المشيّة، و لا أقول: إنّهم ما شاءوا صنعوا).
ثمّ قال: (إنّ اللَّه يهدي و يضلّ)، و قال: (و ما امروا إلّا بدون سعتهم، و كلّ شيء امر الناس به فهم يَسَعُون له، و كلّ شيء لا يَسَعُون له فهو موضوع عنهم، و لكن الناس لا خير فيهم. ثمّ تلا (عليه السلام): «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ ...»
و الظاهر اتّحاد الروايتين؛ نقَلَ ابنُ الطيّار الجملة الاولى منها لجميل بن درّاج، و نَقلَ جميعها لأبان الأحمر، و أمّا اختلاف التعبير في ألفاظ الجملة الاولى بمثل «احتجّ» و «يحتجّ»، فهو لأجل النقل بالمعنى الذي يدلّ بعض الأخبار على جوازه إذا لم يكن مغيِّراً للمعنى.
فنقول: أمّا الجملة الاولى فيحتمل مع قطع النظر عن الجملة التي بعدها أن يراد بها الإقدار و إعطاء القوّة، و من التعريف هو بيان الأحكام و إعلام التكاليف، و حينئذٍ فالمراد بالبيان: إمّا هو البيان الكلّي للمكلّفين في الكتاب المجيد و الأخبار عن النبيّ و الأئمّة الأطهار؛ بحيث لا يُنافيه عدم وصول بعضها إلى بعض.
أو أنّ المراد من البيان هو بالنسبة إلى كلّ فرد و لم يطّلع عليها بعد الفحص و الاجتهاد، فإنّه يصدق عليه عدم التعريف و البيان، و حينئذٍ تدلّ الرواية على أنّ اللَّه لا يحتجّ عليه، بخلافه على الأوّل، و لكن الظاهر هو الاحتمال الثاني بقرينة الجملة التي بعدها- و هي ما آتاهم- فإنّه لا يحتمل فيها إلّا الإقدار و إعطاء القوّة بالنسبة إلى كلّ فرد من الأفراد لا مجموعهم، و الإيتاء و إن فسّره الأصحاب بوصول التكليف في