عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: (ما حجب اللَّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم)
[1] و زكريّا بن يحيى مشترك بين الثقة و الضعيف، و لكن دلالة هذا الخبر على البراءة تامّة؛ حيث إنّ مقتضى مناسبة الحكم و الموضوع، و نسبةِ الرفع إلى «ما حجب اللَّه علمه عن العباد»، هو أنّ الأحكام التي بيّنها الشارع تعالى، و جعلها للعباد، و لكن حجب بعضها عن بعضهم، لكن لا لتقصير منهم، بل لأمر خارج عن اختيارهم، فهي مرفوعة عنهم، فإنّها التي يصحّ رفعها، لا الأحكام التي حجبها اللَّه تعالى عن جميع العباد؛ و لم يبيِّنها أصلًا حتّى للنبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) بل سكت عنها، كما اختاره الشيخ (قدس سره) [2] لوضوح أنّه لا معنى للرفع عمّا سكت اللَّه عنه و لم يبيِّنه أصلًا.
فانقدح بذلك: ما في الإشكال الذي ذكره (قدس سره) على دلالة الخبر: أنّه من قبيل
فإن قلت: نسبة الحجب إليه تعالى تقتضي إرادة هذا المعنى الذي ذكره (قدس سره) لا ما ذكرتَه.
قلت: ليس كذلك، فإنّ إسناد الأفعال التي ليست تحت اختيار العباد في الكتاب و السُّنّة إليه تعالى غير عزيز، مثل «يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ»*[4] و لا إشكال في صحّة إسناد الحجب إليه تعالى فيما نحن فيه أيضاً.
و ذكر المحقّق العراقي (قدس سره) في المقام: و لعل هذا الخبر أدلّ على البراءة من حديث الرفع؛ حيث إنّه قيل باختصاص حديث الرفع بالموضوعات الخارجيّة و إن
[1]- التوحيد: 413/ 9، وسائل الشيعة 18: 119، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 12، الحديث 28.