نعم، لو قلنا بدلالة مفهوم آية النبأ [1] على حجّيّتها، و أنّ مفهومها: أنّه لا يجب التبيُّن في خبر العادل؛ لأنّه مبيَّن في نفسه، فذلك توسعة في اليقين المأخوذ في أخبار الاستصحاب، و لكنّه تقدير على تقدير.
و الحقّ: أنّ تقديم الأمارات على الاستصحاب في غاية الإشكال بناءً على هذا الوجه؛ لما عرفت من أنّ تقديمها و حكومتها على الاستصحاب مبنيٌّ على دلالة دليلها على أنّها علم تعبّداً و في عالم التشريع، و ليس كذلك.
و أمّا بناءً على الاحتمال الثالث: فتقدُّم الأمارات على الاستصحاب واضح، و هذا الاحتمال هو المتعيِّن، و يؤيّده امور:
منها: الأخبار الصحاح الثلاثة لزرارة، و في أحدها قوله:
(و إلّا فإنّه على يقين من وضوئه، و لا ينقض اليقين أبداً بالشكّ)
[2]؛ إذ ليس المرادُ من اليقين بالوضوء اليقينَ الجازم الوجداني، فإنّه في غاية النُّدرة، فإنّ الغالب احتمال وقوع خلل في الوضوء بعده، فالحكم بصحّته و أنّه على وضوء إنّما هو لأجل قاعدة الفراغ.
و في صحيحته الاخرى:
(و إذا لم يدرِ في ثلاث هو أو في أربع، و قد أحرز الثلاث، قام فأضاف إليها اخرى، و لا شيء عليه، و لا ينقض اليقينَ بالشكّ، و لا يُدخِل الشكّ في اليقين، و لا يخلط أحدَهما بالآخر ...)
[3] إلخ، فإنّ المراد باليقين: إمّا اليقين بالإتيان بالثلاث، أو اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة قبل ذلك، و على أيّ تقدير فالمراد به الأعمّ من اليقين الوجداني و غيره.