و لكن لا يخفى أنّها لا تصلح لذلك، لا لما أفاده المحقّق الخراساني [1] و غيره [2]: من اختصاصها باصول العقائد؛ لأنّه بالنسبة إلى قوله تعالى: «إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً»* صحيح بقرينة سياقها من الآيات التي قبلها، لكنّه لا يصحّ بالنسبة إلى قوله تعالى: «وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ»؛ لما تقدّم من أنّها لو لم تختصّ بالفروع لم تختصّ بالأُصول، بل تعمّهما، بل لأجل أنّه لا يمكن أن يريد من الظنّ فيها أي في الآيات الظنّ الاصطلاحي، و كذلك عدم العلم؛ لأنّه لو اريد ذلك يلزم من التمسُّكُ بها عدمُ التمسّك بها؛ حيث إنّها و إن كانت قطعيّة السند، لكنّها ظنّيّة الدلالة، و ليست نصّاً في ذلك.
لا يقال: نعم، و لكن استقرّت سيرة العقلاء على العمل بالظواهر.
لأنّا نقول: استقرّت طريقة العقلاء على العمل بخبر الواحد أيضاً، فلا يمكن أن يُراد بالظنّ فيها الظنُّ الاصطلاحي، و كذلك العلم، فلا بدّ أن يُراد النهي عن اتّباع غير الحجّة، و حينئذٍ فخبر الواحد خارج عن تحت هذا العموم بالورود، كما تقدّم سابقاً، و لا يتبادر منها هذا الظنون في أذهان المسلمين- أيضاً- و لذا لم يختلّ بنزول هذه الآيات أسواقُهم و نظامهم، مع استقرار بنائهم فيها على العمل بخبر الواحد و نظائره من الأمارات الظنّيّة، مثل اليد و أصالة الصحّة في فعل الغير، و لم يسأل النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) أحدٌ بعد نزول هذه الآيات عن تكليفهم و وظائفهم بالنسبة إلى العمل بمثل هذه الظنون، و ليس ذلك كلّه إلّا لأجل عدم انسباق مثل هذه الظنون من الآيات إلى أذهانهم.
ثمّ إنّه ذكر المحقّق الخراساني (قدس سره) هنا إشكالًا في رادعيّة الآيات: بأنّ رادعيّتها