الثالث قال: سألته و قلت: من اعامل، و عمّن آخذ، و قول من أقبل؟ فقال له:
(العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، فاسمع له و أطع، فإنّه الثقة المأمون)
[1]، فإنّ الرواة الواقعين في سلسلة سند هذه الرواية ممّا اتّفق على توثيقهم العلماء، و لا غمزَ لأحدٍ فيهم، و لا ريب أنّ القدر المتيقّن من بناء العقلاء هو العمل بمثل هذا الخبر، الدالّ على أنّ حجّيّة خبر مطلق الثقة مفروغ عنه من حيث التعليل بقوله (عليه السلام):
(فإنّه الثقة المأمون)
، فلا يرد عليه: أنّ هذا الخبر يدلّ على حجّية خبر خاصّ، و هو الثقة عند الإمام (عليه السلام) بقوله (عليه السلام):
(العمري ثقتي)
[2]؛ و ذلك لأنّ التعليل المذكور فيها يدلّ على مفروغيّة حجّيّة خبر مطلق الثقة، فهو نظير: «لا تشرب الخمر؛ لأنّه مُسكر».
فإن قلت: فلِمَ أنكرتم على المحقّق الخراساني في دعواه التواتر الإجمالي و وجودَ خبرٍ هو أخصّ الأخبار المذكورة، المعلوم إجمالًا صدور بعضها؛ بناء على تسليم التواتر الإجمالي، فإنّ الرواية المذكورة كذلك، و قد دلّت على حجّيّة خبر مطلق الثقة؟
قلت: و ذلك لأجل أنّه على فرض ثبوت التواتر الإجمالي بين هذه الأخبار لا بدّ أن يؤخذ بناء على ما ذكر بأخصّها مضموناً، و أخصّها كذلك بين الأخبار هو مثل الرواية التي سأل الراوي فيها من الإمام (عليه السلام): عمّن آخذ معالم ديني؟ فقال مشيراً إلى زرارة: