بنبإ- و هو الخبر العظيم المهمّ، كما فسّره به في مجمع البيان [1] إمّا لإفادة التنوين ذلك، أو لأجل أنّ مادّة النبأ تفيد ذلك، و الفرق بينها و بين مادّة الخبر إنّما هو بذلك، و لذا سُمّي النبيّ نبيّاً؛ لأنّه يُنبئ عن أمر عظيم مهمّ، و لم يُسمّ مخبراً- وجب الاستعلام و تحقيق المطلب و تحصيل العلم به؛ لأنّه من الامور المهمّة التي يترتّب على كذبه مفاسد كثيرة عظيمة من قتل الأنفس و تلف الأموال و الندامة بإصابة القوم بجهالة، و حينئذٍ فالتبيّن بمعناه، و كذلك الجهالة بمعنى عدم العلم، و لا وجه لتفسيرها بمعنى: السفاهة و ما لا ينبغي صدوره من العاقل.
و الحاصل: أنّ الآية الشريفة في مقام الحكم بوجوب تحصيل العلم بالواقع؛ فيما يترتّب على المُخبَر به في الخبر الواحد آثار خطيرة مهمّة كثيرة، و وجوبِ التبيُّن و الردعِ عن العمل فيه بغير علم بمجرّد إخبار الواحد، و بناء العقلاء- أيضاً- ليس على العمل بخبر الواحد في الامور الخطيرة، مثل مورد الآية من غير فرق فيه بين خبر العادل و الفاسق.
فإن قلت: فعلى ما ذكرت من عدم الفرق بين العادل و الفاسق في ذلك، فما السرّ في ذكر خصوص نبأ الفاسق في الآية؟
قلت: لعلّ ذلك للتنبيه على فسق الوليد لغفلتهم أو عدم علمهم بذلك.
و أمّا ما ذكره بعض الأعاظم- فيما تقدّم- من حكومة المفهوم على التعليل، فقد تقدّم منّا مراراً: أنّ الحكومة تحتاج إلى اللسان و دلالة اللفظ، و أنّ ثبوت المفهوم في الآية متوقّف على حكومته على التعليل، و الحكومة المذكورة متوقّفة على ثبوت المفهوم، المتوقّف على الحكومة المذكورة، فيلزم الدور، فالإشكال السابق باقٍ بحاله لا دافع له.