أمّا الروايات فهي حاكمة على هذه الآيات؛ لأنّ هذه الآيات لا تُعيِّن موضوعها؛ و أنّ هذا ظنّ دون ذاك، و مقتضى الروايات هو إلغاء احتمال الخلاف في خبر الواحد و جعله عِلْماً في عالم التشريع.
و أمّا السيرة العقلائيّة فيمكن ورودها على الآيات، و لا أقلّ من حكومتها عليها [1].
و زاد الميرزا النائيني (قدس سره) أنّه لا يمكن أن يقال: إنّ هذه الآيات رادعة عن السيرة العقلائيّة؛ لاستلزامه الدور؛ لأنّ الردع بها يتوقّف على عدم مخصِّصيّة السيرة للآيات، و هو موقوف على ردع الآيات عنها، و هو محال [2]. انتهى ملخّصاً.
أقول: و فيما ذكروه إشكال؛ لأنّ الأخبار الواردة في حجّيّة خبر الواحد هي مثل
(العَمري و ابنُهُ ثقتان؛ فما أدّيا اليك عنّي فعنّي يؤدّيان)
[3] و نحوها التي هي في مقام توثيق بعض الرواة- كما تقدّمت إليه الإشارة- لا في مقام إيجاب العمل بأخبار الآحاد.
سلّمنا ذلك، لكنّها معارَضَة بالآيات و مخصِّصة لها، لا أنّها حاكمة عليها؛ لأنّ الحكومة: عبارة عن أن يكون أحد الدليلين ناظراً إلى الدليل الآخر و مفسِّراً له، و ليس لسان هذه الأخبار أنّ خبر الواحد علمٌ تعبّداً؛ لتكون حاكمة على الآيات.
و أمّا السيرة العقلائيّة فلا نُسلّم ورودها على الآيات- أيضاً- و لا حكومتها:
لأنّ الورود: عبارة عن خروج شيء عن موضوع دليل حقيقةً تعبّداً، كما لو قيل: «لا تقفُ ما ليس لك فيه حجّة»- كما لا تبعد إرادة ذلك من العلم في الآية
[1]- انظر حاشية فرائد الاصول، المحقق الخراساني: 72 سطر 3، و درر الفوائد: 393- 394.