الفصل الثالث في أنّ بعض الخطابات لا تعمّ غير المجتهدين
لا ريب و لا شبهة في أنّ جميع المكلّفين مأمورون بالعمل بالأحكام الشرعيّة المستفادة من الخطابات الصادرة من الشارع المقدّس، كما أنّه لا ريب في أنّ استفادة الأحكام الشرعيّة و استنباطها من مداركها مختصّ بالمجتهدين و لا حظَّ للعوامّ في ذلك، و مع ذلك اختلفوا: في أنّ الخطابات الصادرة من الشارع، مثل:
(لا تنقض اليقين أبداً بالشكّ)
[1]، هل هي متوجِّهة إلى خصوص المجتهدين، أو أنّها تعمّ جميع المكلّفين، و أنّ كلّهم مخاطبون بها، لكن حيث إنّ العوامّ لا يتمكّنون من الاستنباط و الفحص عن الأدلّة و المعارضات و نحو ذلك، فالمجتهدون ينوبون عنهم في ذلك [2]. و لكن النتيجة تعمّ جميع المكلّفين؟
لكن الحقّ: هو الأوّل؛ فإنّه لا معنى لنيابة المجتهدين عنهم، و لم تقع تلك النيابة و الاستنابة إلى الآن في الخارج، بل المخاطب بها هم المجتهدون فقط، القادرون على الاستنباط، و لكن الحكم الشرعي الذي يستنبطه المجتهد حكم كلّيّ يشترك فيه عامّة المكلّفين.
[1]- تهذيب الأحكام 1: 8/ 11، وسائل الشيعة 1: 174، كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء، الباب 1، الحديث 1.
[2]- انظر فرائد الاصول: 440، كفاية الاصول: 533- 534.