ذلك مقصوراً على بعض الخواص، و على فرض إخبار أحد هذا النحو من الإجماع لا يُقبل منه، و لا يترتّب عليه أثر؛ لما عرفت من أنّ بناءَ العقلاء- الذي هو العُمدة في الدليل على حجّيّة خبر الواحد- دليلٌ لُبّيّ لا بدّ من إحراز تحقّقه في كلّ موضع يستدلّ به، و قد عرفت أنّه ليس بناء العقلاء على القبول و ترتيب الأثر فيما لو كان المُخبَر به من الغرائب و إن كان محسوساً؛ لقوّة احتمال الخطاء و الاشتباه فيه، فإنّه كيف يمكنه معرفة أنّ ما رآه هو الإمام (عليه السلام) لعدم رؤيته له قبل ذلك، فاحتمال الخطاء فيه قويّ، و ليس بناء العقلاء على أصالة عدم الخطأ في أمثال ذلك.
و أمّا قاعدة اللطف: فهي بمكان من الضعف؛ لعدم قيام دليل على وجوب إلقاء الخلاف على الإمام بنحو ما ذكره (قدس سره).
و أمّا الكشف عن دليل معتبر فهو- أيضاً- ضعيف؛ لأنّه لو كان فتوى مثل الشيخ (قدس سره) و أمثاله لأجل وجود رواية معتبرة دالّة عليها، لَذكروها في كتب الأخبار مثل سائر الأخبار. فبقي الأخير، و هو الحقّ.
توضيحه: أنّ حجّيّة الإجماع إنّما هي لأجل أنّه يكشف عن فتوى المعصوم (عليه السلام) و رأيه، و هو فيما إذا لم يكن على وفقه دليل أو أصل أو دعوى إجماع على خلافه، فإنّ أصحاب الأئمة كانوا يُفتون، كما كانوا يُحدِّثون الأخبار، و ليس الإفتاء منحصراً في المتأخّرين عن زمانهم، و لذا أمروا بعض أصحابهم بالإفتاء للناس و قال (عليه السلام):
(إنّي احبّ أن أرى مثلك يُفتي الناس)
[1]، و بيّنوا علاج تعارض الأخبار، فإذا أجمع الفقهاء- الذين هم بطانتهم- على حكم من الأحكام، و ليس هناك أصل أو دليل يُحتمل اعتمادهم عليه، يُستكشف منه بنحو القطع أنّ ذلك فتوى المعصوم (عليه السلام) أخذه الفقهاء منهم (عليهم السلام) و وصل إلينا يداً بيد و صدراً بصدر.
و الفرق بين هذا و بين القسم الثالث واضح؛ حيث إنّ المستكشَف في هذا