المقام (الأول) في بيان النسبة بين الاستصحاب و غيره من الاصول العملية العقلية أو النقلية،
فاعلم انه لا خلاف و لا إشكال في تقدم الاستصحاب على ساير الاصول العملية مطلقا شرعية كانت أو عقلية.
و قد اتضح وجه التقدم مما أوضحناه في تحقيق ضوابط الحكومة و الورود فلا ينبغي أن نطيل بالاعادة و إنما المقصود هنا هي الاشارة الاجمالية إلى وجه عدم صلاحية تلك الاصول للمعارضة مع الاستصحاب و إن تقدمه عليها هل هو من باب الحكومة أو الورود.
و التحقيق: ان النسبة بينه و بينها هي النسبة بينه و بين الامارات بعينها فكما أن تقدم الطرق و الامارات على الاستصحاب كان من باب الورود على ما حققناه سابقا فكذلك تقدم الاستصحاب على غيره من الاصول العملية مطلقا، و ذلك لان الأصول الشرعية ليست إلا وظائف ظاهرية مقررة من الشرع لموارد الجهل بالوظيفة الواقعية و عدم إحرازها بشيء من المحرزات و من الواضح انه بعد ثبوت اعتبار الاستصحاب بمعنى التعبد بكون مؤداه كالمحرز بالوجدان بدون جعل شيء محرزا له و طريقا كاشفا عنه ينتفي في مورده الموضوع لتلك الاصول العملية الشرعية وجدانا بمقتضى التعبد بمفاد أدلة اعتبار الاستصحاب فلا محالة يكون واردا على تلك الاصول نعم لو قلنا بان الموضوع لتلك الاصول هو خصوص الجهل بالواقع و عدم العلم به وجدانا كان تقدمه عليها لا محالة من باب الحكومة، لعدم ارتفاع الموضوع إلا بنحو التعبد و التنزيل و على التقديرين فالعمل بأدلة اعتبار الاستصحاب و تقديمه على غيره من الاصول العملية خال عن كل محذور، لعدم كونه من التخصيص حتى يلزم منه محذور بخلاف العكس، فانه مستلزم لأحد المحذورين من التخصيص بلا مخصص أو التخصيص