و يمكن أن يكون نظر صاحب الفصول (رحمه اللّه)- في اختياره تعلق الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة- إلى ما أشرنا من عدم تشخص و تعين و نفسية وجوب المقدمة إلّا بحسب الوجوب المتعلق بذيها، فحيث أنّه رأى أنّ القول بالوجوب مطلقا (موصلة كانت المقدمة أم غير موصلة) مستلزم لعدم صحة القول بمعصية العبد إذا أتى بالمقدمة المحرمة التي لم يترتب عليها ذو المقدمة مع أنّ هذا فاسد؛ ذهب إلى وجوب المقدمة الموصلة، بمعنى أنّ وجوب المقدمة حيث لا يكون له وجود واقعا و إنّما يطلق عليها الواجب مسامحة، فلو صادف مع وجودها وجود الواجب و ترتب الواجب عليها لا تقع المقدمة المحرمة على صفة الحرمة لوقوعها مقدمة للواجب الأهم، و أمّا لو لم يترتب عليها الواجب فحرمتها باقية على حالها؛ لأنّ الطلب المتعلق بالمقدمة ليس طلبا له واقعا، فتأمل.