المرتبة الثالثة: هي مرتبة الفعليّة؛ فإنّ الحكم الذي يوجد وجوداً إنشائيّاً، قد يكون على طبقه إرادة فعليّة للتحريك، و قد لا يكون ذلك، و إنّما يُنشأ لأجل تسجيل صيغة قانونيّة في نفسها على العبد، ثمّ إيصالها إلى مرحلة الفعليّة بالتدريج، و هو ما يُسمّى بمسودّة قانون، أو مشروع قانون، لا بقانون فعليّ، إذن، فالفعليّة عبارة عن أن يكون على طبق ذلك الإنشاء إرادة فعليّة للتحريك.
المرتبة الرابعة: هي التنجيز، و هي تعبير عن حكم العقل بلزوم الامتثال و استحقاق العقاب على تقدير المخالفة، و هذا الحكم من قبل العقل متفرّع على وصول الحكم إلى مرحلة الفعليّة و وصوله خارجاً؛ لأنّه إذا لم يصل إلى مرحلة الفعليّة، كان حكماً إنشائيّاً فقط، لا يترتّب عليه أثر بحكم العقل؛ لأنّ الحكم الإنشائيّ ليس إلّا مجرّد لفظ، أو مجرّد اعتبار و خيال، و معه: لا يحكم العقل بنشوء حقٍّ للمولى على العبد، فلا بدّ إذن من وصوله إلى مرحلة الفعليّة، كما أنّه إذا كان فعليّاً و لم يعلم به المكلّف، فإنّه أيضاً لا يتنجّز، لدخوله عندهم تحت قاعدة قبح العقاب بلا بيان، إذن، التنجيز موقوف على مجموع أمرين: أحدهما: وصول الحكم إلى مرتبة الفعليّة، و ثانيهما: هو وصول ذلك إلى المكلّف، و تماميّة البيان عليه حينئذٍ بعد افتراض هذه المراتب للحكم يُقال:
بأنّ الحكم الواقعيّ هنا لا يخلو من أحد ثلاثة افتراضات:
الافتراض الأوّل: هو أن يكون حكماً فعليّاً على واقعه، بمعنى: أن يكون على طبقه إرادة فعليّة للتحريك.
الافتراض الثاني: هو أن يكون الحكم الواقعيّ إنشائيّاً بحتاً، و ليس له حظّ من الوجود، إلّا الوجود الإنشائيّ.
الافتراض الثالث: هو أن يكون الحكم الواقعيّ متوسّطاً بين