شهادات عديدة توجب القطع بكون هذه السيرة معاصرة للمعصوم، و حينئذٍ: لا إشكال في أخذ هذه الشهادات.
و تارة يُفرض كونه غير ذلك، و إنّما يكون الشاهد واحداً ثقة، حينئذٍ: إن فرض وجود دليل في المرتبة السابقة على حجّيّة خبر الثقة من غير ناحية هذه السيرة التي يُراد إثباتها بشهادة الثقة، فلا بأس، فمثلًا: لو ادّعى الشيخ الطوسي (قده) أنّ سيرة الأصحاب على ترك صلاة الجمعة، فهذا نقل للسيرة بخبر الثقة الذي هو حجّة، و به نثبت تعبّداً سيرة أصحاب المعصوم (عليه السّلام) على ترك الجمعة، فإذا فرض أنّ هذا كان مشمولًا لدليل الحجّيّة، فإنّه حينئذٍ نثبت السيرة، و يثبت بذلك لوازم هذه السيرة التي منها إمضاء المعصوم على ما سيأتي في الجهة الثالثة إن شاء الله تعالى، فيكون لكلام الشيخ (قده) مدلول مطابقيّ، و هو السيرة، و مدلول التزاميّ، و هو إمضاء الشارع لها.
و التسامحات التي ثبت وجودها كثيراً في كلام أصحابنا في مقام نقل الإجماع إنّما يلحظ وجودها في مقام نقل أصحاب الفتوى و الرأي، أي: فقهاء عصر الغيبة، أمّا بالنسبة لنقل سيرة أصحاب الأئمّة (عليهم السّلام)، فلم يثبت بناؤهم على التسامح في مقام النقل، فيُحمل اللّفظ على ظاهره حينما يقول الشيخ (قده): استقرّ رأي أصحابنا جيلًا بعد جيل، فيؤخذ به.
و لكن إذا فرض أنّ هذا الخبر كان يُراد إثبات حجّيّته بمثل السيرة، فهنا لا يمكن إثبات السيرة بالخبر، للزوم الدور.
و الحاصل هو: أنّ إثبات معاصرة السيرة لزمن المعصوم بالنقل و الشهادة، من قبيل ما ينقله الشيخ الطوسي (قده) من استقرار بناء أصحاب الأئمّة (عليهم السّلام) و المتشرّعة في زمانهم، من الاعتماد على أخبار الثقات في مقام أخذ معالم دينهم جيلًا بعد جيل، هذا النقل، إن فرض فيه كونه