و هاتان الصياغتان تتفقان في عدم نصب قرينة متصلة، و تفترقان بزيادة الثانية على الأولى، بعدم نصب قرينة منفصلة أيضا.
و أمّا ما به الاشتراك، ففي تفسيره ثلاث احتمالات:
1- الاحتمال الأول: هو أن يكون المراد من عدم نصب المولى قرينة متصلة، يعني، أن لا يأتي بكلام يكون دالّا على نفي الحكم عن غير المقيّد لو خلّي و نفسه هذا الكلام، بحيث أنّ المتكلم لو قال: «أكرم العالم»، ثمّ أتى بكلام آخر لو خلّي هذا الكلام و نفسه و عزل عن الكلام الأول، لدلّ على أنّ «العالم الفاسق» لا يجب إكرامه و لو بالإطلاق، و بهذا تنهدم المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة، لأنّ المولى نصب ما يكون دالّا في نفسه على أنّ الحكم غير ثابت لغير المقيّد.
و الخلاصة: هي أن يكون المراد من عدم نصب القرينة المتصلة هو، أن لا يأتي بكلام يكون دالّا على نفي الحكم عن غير المقيّد لو خلّي و نفسه، فلو أتى بما يكون دالّا على ذلك لأوجب انهدام المقدمة الثانية.
و هذا مثاله: المطلقين المتعارضين بنحو العموم من وجه المتصل أحدهما بالآخر كما في قوله: «أكرم العالم و لا تكرم الفاسق»، فإنّ تماميّة مقدمات الحكمة في «أكرم العالم» متوقفة على عدم إتيان المتكلّم بكلام يدلّ لو خلّي و نفسه على عدم وجوب إكرام العالم الفاسق.
و من الواضح، أنّ الخطاب الثاني و هو «لا تكرم الفاسق» يدلّ لو خلّي و نفسه على عدم وجوب إكرام الفاسق، سواء كان عالما أو جاهلا، إذن، فقد ارتفعت المقدمة الثانية، و لذا لا ينعقد إطلاق في موارد المطلقين المتعارضين بنحو العموم من وجه لا في هذا الطرف و لا في ذاك الطرف، لأنّه لا مقتضي للظهور في الإطلاق، لأنّ المقتضي للظهور الإطلاقي هو مقدمات الحكمة، و هي منهدمة هنا و هناك، لأنّها ابتليت ببيان صالح ينفي حكم الآخر عن المقيّد، فيكون اقتران المطلق بالمطلق الآخر موجبا لسقوط مقدمات الحكمة.