ينشأ من اللفظ، بل من عدم علّة هذا التصور و هو عدم الإتيان بلفظ يدلّ على تصوّر القيديّة، إذ أنّ عدم المعلول معلول لعدم العلة، فتصور الخصوصية و القيديّة علته الإتيان بلفظ يدلّ على القيد، إذن، فمجرّد عدم الإتيان بلفظ يدلّ على القيد يكفي لعدم تصوّر القيد.
و حينئذ، فالإطلاق على مستوى الصورة الذهنية التصورية و إن كان ثابتا في ذهن السامع، لكن هذا ليس داخلا في المدلول التصوري للكلام، بمعنى أنّه لم ينشأ من دلالة اللفظ عليه، بل نشأ من عدم وجود كلام آخر لو أضيف لهذا اللفظ لانتقش في الذهن صورة القيد.
و بهذا يتّضح، أنّ كون الإطلاق ثابتا في الصورة الذهنية المتكونة في ذهن السامع صحيح.
إلّا انّ هذا شيء، و كون الإطلاق داخلا في المدلول التصوري للكلام شيء آخر، و ثبوت الأول لا يقتضي ثبوت الثاني.
هذا كله بناء على ما هو الصحيح من انّ الإطلاق هو «عدم لحاظ القيد».
و أمّا بناء على أنّ الإطلاق هو «لحاظ عدم القيد»، فالإطلاق حينئذ، لا يكون ثابتا في الصورة الذهنية، لا بملاك كونه مدلولا للكلام، و لا بملاك قانون «أنّ عدم المعلول يكفي في عدمه عدم العلّة»، لأنّ لحاظ عدم القيد أمر وجودي، و لا مبرر لتكونه و حضوره في الذهن إلّا وجود لفظ دالّ عليه، و المفروض عدم وجود هذا اللفظ.
و بهذا يتّضح أنّ الإطلاق كمدلول للكلام لا يكون مدلولا إلّا في مرحلة المدلول التصديقي، و أمّا في مرحلة المدلول التصوري فهو ليس مدلولا للكلام، نعم هو أمر واقعى في الصورة الذهنية، و هو صحيح بناء على مختارنا، من أنّ الإطلاق هو عدم لحاظ القيد، و غير صحيح بناء على مسلك من يقول بأنّ الإطلاق هو لحاظ عدم القيد.