تسلسل العلل و المعلولات المنتهية إلى اللّه تعالى، و لذلك صحّ التكليف و الثواب و العقاب لأنّ الإنسان هو الذي يوجد الفعل و هو الذي يعدمه كما أنّ الفكرة الثانية تكون علاجا لشبهة الجبر الإلهي كما عرفت.
الحل الثاني: و هو مبني على الاعتراف بأنّ البداء يلزم منه التغيير في العلم، بمعنى أنّه يوجد علمان، أحدهما ينسخ و يخطّئ الآخر.
إلّا أنّ هذين العلمين ليسا للّه تعالى، بل هما للإنسان، و معه لا يلزم نسبة الجهل إلى اللّه تعالى.
و حاصله: انّ البداء تغيير في علم الإنسان، فإنّ هناك معتقدات يبني عليها الإنسان ثم يظهر اللّه تعالى خلافها و يبيّن الحقيقة، فيبني الإنسان على ما ظهر، و هذا أمر معقول، فإنّه قد تتعلّق المصلحة في إخفاء الحكيم للحقيقة في بعض الأزمان ثم يظهرها بعد ذلك.
و هذا المعنى و إن كان معقولا، إلّا أنّ حمل البداء عليه خلاف الظاهر، فإنّ الظاهر من أكثر الروايات، انّ البداء أمر مربوط باللّه تعالى، و ليس بالإنسان.
الاتجاه الثاني: و هو ما اختاره صاحب الأسفار [2] و جملة من الفلاسفة [3]، و بنى عليه صاحب الكفاية [4] كما يظهر من كلماته.
و هذا الاتجاه مبني على أصول فلسفية لا حاجة لذكرها، و فرّعوا على
[1] الاقتصاد في الاعتقاد- الشيخ الطوسي عدة الأصول- ج 2- ص 29. الغيبة للشيخ الطوسي- ص 262- 264.
[2] الأسفار الأربعة- الشيرازي- ج 1 من السفر الثالث- ص 395- 396- 397.
[3] نبراس الضياء- محمد باقر الداماد في شرح البداء- القبسات- ص 127- 451- 453.