responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث في علم الأصول نویسنده : الشيخ حسن عبد الساتر    جلد : 7  صفحه : 455

هذا الفاعل، فإنّ دعاء الإنسان أو تصدّقه هو الذي أوجب تغييرا في النتيجة المترقبة، و إن كان بحسب الدقة لم يوجد أيّ تغيير في القضاء، بل هذا إمضاء للقضاء بحسب الحقيقة، إذن فبتطعيم البيان المذكور بذلك يعرف نكتة تسميته بالبداء، فإنّه لو لم يترك هذا الباب للإنسان مفتوحا، لما شعر الإنسان بفاعليته و قدرته على تقرير مصيره، و على تغيير وجه الكون.

و على هذا المعنى من البداء تنطبق الخصوصيات المذكورة في روايات استجابة الدعاء، من أنّ الدعاء يردّ القضاء و أنّ صلة الرحم تطيل العمر، و أنّ الصدقة تدفع البلاء الخ ...

و بهذا يظهر انطباق الخصائص التي ذكرناها على هذا المعنى و أنّ اللّه ما عبد و ما عظّم بمثل البداء و ذلك لأنّ البداء بالمعنى المذكور يكون حافزا للعبادة و الدعاء و نحو ذلك من أعمال الخير باعتبار أنّه جعل لتصرّف الإنسان بالصدقة، و صلة الرحم، و الدعاء، و إغاثة الملهوف دخل في تنجز القضاء و عدمه.

الفكرة الثانية: هي أن يقال: إنّه لا نتصوّر قضاء شرطيا، و آخر تنجيزيا بل نتصوّر منه تعالى قضاءين كلاهما تنجيزي إلّا أنّ أحدهما أقوى من الآخر و لكن يميزان و هما بعد كل هذا متعارضان، و بما أنّهما متعارضان، فيقدم الأقوى.

و توضيح ذلك: هو أنّ اللّه سبحانه و تعالى حينما خلق الكون وضع في طبائعه فاعلية و سببية بحسب قابليات الأشياء إلّا أنّ هذه السببيات ليست عليتها علية لا تقاوم، بل هي علية يمكن مقاومتها فهو خلق النار و جعل فيها سببية الإحراق، و لكن يستطيع تجميد هذه السببية ساعة يشاء كما جمّد سببية نار إبراهيم (عليه السّلام) في الإحراق و ألغى فاعليتها، و هذا قضاء من اللّه سبحانه.

و قد يمثل لذلك بما لو فرض أنّ الإنسان صنع أداة معيّنة، و هي بدورها تصنع نتائج معيّنة و لا يستطيع أن يتحكّم بهذه الأداة بعد صنعها، و قد يفرض أنه يستطيع أن يتحكم بها، و هذه الاستطاعة و تصرفه بتجميد هذه الأداة ساعة يشاء هو قضاء أيضا، يقوم به لتجميد القضاء الآخر،

نام کتاب : بحوث في علم الأصول نویسنده : الشيخ حسن عبد الساتر    جلد : 7  صفحه : 455
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست