و الرفع فرع الثبوت، لكنه حينئذ هو رفع بلحاظ عالم الجعل و عالم القضية الكلية، لا بلحاظ عالم فعليّة المجعول خارجا، و أمّا مجيء وقت العمل فهو دخيل في فعلية المجعول لا الجعل، فمثلا: وجوب الحج له ثبوتان، ثبوت فعلي، و ثبوت بنحو القضية الشرطية، و ما نسخ هو الثبوت بنحو القضية الشرطية حتى قبل مجيء وقت العمل، إذن، فهذا البيان واضح البطلان.
و إن كان اشتراط أن يكون الناسخ بعد مجيء وقت العمل بالمنسوخ، باعتبار أنّ النسخ قبله موجب للغويّة قبل ذلك- بعد فرض كون المولى سنخ مولى يعلم بأنّه سينسخ الحكم، لا أنه مولى يحصل له البداء حيث يعقل في حقه النسخ حينئذ- فإنه حينئذ، إن كان جعله للحكم مع التفاته بأنّه سينسخه قبل مجيء وقت العمل، فهو لغو، إلّا إذا كان جعله هذا امتحانا، و قد أخطأنا فسمّينا رفع الامتحان نسخا خلافا لمصطلح الأصوليين، حيث انّ النسخ عندهم عبارة عن رفع حكم ثابت حقيقي.
و إن كان جعل هذا المولى للحكم من دون التفات منه إلى أنه سينسخه قبل مجيء وقت العمل، فهذا خلف علمه المطلق، فإن كان هذا هو البرهان على اشتراط مجيء الناسخ بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ، فهذا لا يشمل ما لو فرض إنّ عدم مجيء وقت العمل كان من باب الصدفة، بمعنى أنّ جعل الحكم ثبت و مرّ عليه زمن كان في معرض أن يصبح فعليا لكنه صدفة لم يصبح فعليا ثم نسخ، أي إنّ عدم مجيء وقت العمل بالحكم المجعول و عدم صيرورته فعليا كان صدفة، فإنّ الصدفة هذه بعدم صيرورته فعليا، أمر غيبي لا يمكن إحرازها إلّا بعلم غيبي، فحينئذ، لا لغويّة في جعل الحكم، لأنّ العلم الغيبي دخيل في تصحيح الخطابات الصادرة من المولى إلى الناس، و هذا الخطاب بما انّه عرفي، يكون معقولا و مؤثرا لأنّه لا يراد به إلّا أن يكون في معرض أن يؤثر، و هذا كاف في صحة جعله.
نعم، لو فرض انّ عدم مجيء وقت العمل كان حتميا لا صدفة، فهو لغو حينئذ.