إذا تعقب الاستثناء جملا متعددة، فحينئذ، هل يرجع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط، و يتمسك بإطلاق الجمل السابقة؟ أو انّه يرجع إلى الجميع؟ أو أنه يرجع إلى الأخيرة، و ما قبلها يكون مجملا فلا يتمسك فيها بشيء لا بالعموم و لا بالاستثناء؟
و تحقيق الكلام في المقام هو أن يقال: إن الجمل المتكررة، تارة يفرض فيها تكرر الموضوع و المحمول، و أخرى يفرض تكرر المحمول فقط، و ثالثة يفرض تكرر الموضوع فقط.
أمّا في الصورة الأولى، و هي ما إذا تعدّدت الجمل بتعدد الموضوع و المحمول، كما لو قال: «أكرم العلماء، و أكرم الشيوخ، و أكرم الهاشميين إلّا الفساق» فهنا: تارة يكون الاستثناء بالحرف «إلّا» كما في المثال، و أخرى يكون بالاسم كما لو قال: «أستثني» الفساق أو «مستثنيا» الفساق.
فإن كان الأول، أي استثناء بنحو المعنى الحرفي، فالظاهر هو تعيّن رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة. و يبقى ما عداها على إطلاقه ما لم تقم قرينة على رجوعه إلى تمام الجمل.
و الدليل على ذلك هو، انّه لو قال: «أكرم العلماء، و أكرم الشيوخ، و أكرم الهاشميين إلّا الفساق»، فحينئذ نقول: إنّ أداة الاستثناء استعملت في النسبة الاستثنائية، و النسبة تتقوم بطرفيها، و هما المستثنى، و المستثنى منه، و معنى هذا، إن أحد هذين الطرفين لو كان متعددا لأوجب تعدد النسبة لا