أمّا النزاع الأول: فيتمثل في إمكان مخاطبة المعدومين و الغائبين، بمعنى انّ مخاطبة المعدوم أو الغائب، هل هي معقولة أم لا؟ و هذا بحث عقلي.
و أمّا النزاع الثاني: فهو لفظي، بمعنى انّ أدوات الخطاب، هل هي موضوعة لخصوص المخاطبين الموجودين زمن صدورها، أم للأعم منهم و من المعدومين؟.
و قد اعترض السيد الخوئي (قده)[1] على هذا التحرير لمحل النزاع و قال: إنّ النزاع ينحصر في الثاني فقط، لأنّ الأول لا يحتمل وقوعه عادة بين العلماء لوضوح المسألة، فإنّ التخاطب إن أريد به التخاطب الجدّي، فمن البديهي عدم معقوليته مع المعدوم و الغائب، و إن أريد به التخاطب الإنشائي فهو معقول و ممكن، بل هو واقع، كخطاب «الليل و الطير» و نحوه كثير كما في كتب الأدب، إذن فالنزاع الأول غير صحيح، و إنّما الصحيح هو النزاع اللفظي، و هو انّ أدوات الخطاب، هل هي موضوعة للخطاب الحقيقي لتختص بالحاضرين، أم انّها موضوعة للخطاب الإنشائي، فتعم الموجودين و الغائبين؟
و الصحيح هو ما أفاده السيد الخوئي (قده) سلبا، حيث ذهب إلى انّ التخاطب الحقيقي مع المعدومين و الغائبين لا معنى للنزاع في استحالته، و ذلك لوضوح استحالته.
و أمّا التخاطب الإنشائي، فلم يدّع أحد نفيه، و ذلك لوضوح إمكانه.
لكن رغم هذا، يبقى النزاع في انّ أدوات الخطاب، هل هي موضوعة للخطاب الحقيقي، أم انّها موضوعة للخطاب الإنشائي؟
و كأنّ القائلين بأنّ الخطابات تختص بالمشافهين، مرجع قولهم إلى