العبد إلى السماء، مع عدم قدرة العبد على ذلك، فإرادة المولى التشريعية لا يعقل تعلّقها بفعل غير مقدور للعبد سلبا و إيجابا.
المقدمة الثاني: [حول مبنى الاشاعرة فى الجبر و الاختيار]
هي أن أفعال العباد مخلوقة فيهم، من قبل المولى، و ليس لهم قدرة عليها نفيا و إثباتا، و هو معنى الجبر الأشعري.
و إذا تمّت هاتان المقدمتان، يثبت بمجموعهما استحالة تعلّق إرادة المولى التشريعية بأفعال العباد، لأن هذه الأفعال، ليست تحت قدرتهم حتى تتعلق بها الإرادة التشريعية، و الحال أنه لا إشكال وجدانا في تعلق طلب المولى بضروريات الشريعة، فإنه يطلب من العبد الصلاة و الصيام و نحو ذلك، إذن لا بدّ من الالتزام بأن الطلب غير الإرادة، لاستحالة تعلّق الإرادة بفعل العبد، لأنه غير قادر عليه، مع أن الطلب يتعلق وجدانا بضروريات الشريعة.
و نحن لا نتعرض إلى مسألة، أن الطلب عين الإرادة، أو غير الإرادة، إلّا بالمقدار المرتبط بمسألة الجبر و الاختيار، و لهذا لا نتعرض إلى سائر أدلة الأشاعرة على المغايرة، و إنما نقصر الكلام على مسألة الجبر و الاختيار و لو بالاختصار، و صفوة القول في مسألة الجبر و الاختيار، أن هذه المسألة تنحل إلى مسألتين، مسألة كلامية، و مسألة فلسفية.
أمّا المسألة الكلامية، فالمقصود منها، هو البحث الواقع بين الأشاعرة و المعتزلة و الإماميّة، في أنه ما هو حال الأفعال الواقعة في الخارج، كالصلاة و الصيام و شرب الخمر و نحو ذلك من الواجبات و المحرمات و المباحات، فمن هو فاعل هذه الأفعال، فقال الأشاعرة بأن الفاعل محضا هو اللّه تعالى، و هو معنى الجبر، و قال المعتزلة، بأن الفاعل محضا هو الإنسان، و هو معنى التفويض، و قال الإماميّة بأمر بين الأمرين، بمعنى أن كلا من الإنسان و المولى تعالى، فاعل بالنحو المناسب له من الفاعلية، فهناك فاعلان للفعل، أمّا كيف