بعد أن ذكروا أن لفظ الأمر موضوع للطلب، وقع الكلام في تحقيق معنى الطلب، فهل الطلب صفة نفسانية قائمة في الإنسان، على حدّ قيام القدرة و العلم و الإرادة، أو فعل نفساني قائم في الإنسان، أو فعل خارجي قائم به؟.
فمن هنا، وقع الكلام في مقام تحقيق معنى الطلب، في أنه ما هي النسبة و العلاقة بين الطلب و الإرادة، و في أن الطلب هل هو عين الإرادة، أو هو غير الإرادة، فانجرّ الحديث الأصولي بذلك، إلى حديث كلامي، بين الأشاعرة و المعتزلة، حيث اختلفوا في التغاير بين الطلب و الإرادة، فذهب المعتزلة إلى العينية، و الأشاعرة إلى المغايرة، و حيث أن أحد أدلة الأشاعرة على المغايرة مبنيّ على مبناهم في الجبر، فلهذا انتهت مسألة اتحاد الطلب و الإرادة، إلى مسألة الجبر و الاختيار.
أمّا كيف يكون أحد أدلة الأشاعرة على المغايرة، مبنيا على مبناهم في الجبر، فملخّص ذلك، أنهم قالوا بترتيب مقدمتين.
المقدمة الأولى [حول مبنى الاشاعرة فى الجبر و الاختيار]
هي أن الإرادة التشريعية من قبل المولى لا يمكن أن تتعلق بفعل غير مقدور للعبد، فلا يمكن أن ينقدح في نفس المولى، إرادة تشريعية لطيران