بلحاظ مدلوله الأول و هو التعبد بالطهارة يكون واردا على دليل لا صلاة إلّا بطهور لأنه يثبت طهارة أخرى حقيقة و فردا آخر من موضوع دليل الشرطية، و بهذا يكون واردا على دليل الشرطية.
و أمّا بلحاظ مدلوله الثاني، و هو التعبد بعدم النجاسة، فهذا لا يعقل أن يكون واردا على دليل لا تتوضأ بالنجس، لأن التعبد الثاني بعدم النجاسة لو كان يلغي النجاسة الواقعية لكان مفاده حكما واقعيا لا ظاهريا و هو خلف فلا بد من فرض أن قاعدة الطهارة لا تلغي و تغني النجاسة الواقعية.
إذن فالتعبد بعدم النجاسة ليس مساوقا لعدم النجاسة و انعدامها، بينما التعبد بالطهارة في الأول مساوقا لعدم النجاسة و انعدامها، بينما التعبد بالطهارة في الأول مساوقا مع الطهارة، و عليه فالتعبد بعدم النجاسة لا يلغي موضوع دليل لا تتوضأ بالنجس لأن النجاسة الواقعية ثابتة على حالها. إذن فلا بعقل بلحاظ الدليل الثاني، و يعقل بلحاظ الدليل الأول.
و بعبارة أخرى، إن التفكيك بين دليل «لا صلاة إلّا بطهور»، و دليل «لا تتوضأ بالماء النجس»، إن كان يراد به التفكيك بلحاظ الحاكمية من النحو الثاني فهو تفكيك غير معقول، و إن كان يراد به التفكيك بلحاظ الحاكمية من النحو الأول فهو تفكيك معقول بين الأول و الثاني و ذلك بأن يستظهر من الدليل الأول بأن موضوعه جامع الطهارة، و دليل قاعدة الطهارة بلحاظ تعبّدها بالطهارة فردا من هذا الجامع فتكون واردة على دليل شرطية الطهارة، و أما بلحاظ الدليل الثاني و هو لا تتوضأ بالماء النجس، و إن كان دليل قاعدة الطهارة يتعبّدنا بعدم النجاسة أيضا لكن لا يعقل أن يثبت فردا حقيقيا من عدم النجاسة إلّا إذا قيل بالتصويب و انقلاب هذه الطهارة الظاهرية إلى طهارة واقعية و هو خلف، و بهذا يتميّز الدليل الأول عن الدليل الثاني.
نعم يبقى هنا شيء واحد على صاحب الكفاية و هو أنه كيف يستظهر أن دليل الشرطية موضوعه جامع الطهارة مع أن المنصرف من الطهارة في الدليل هو الطهارة الواقعية لا جامع الطهارة الأعم من الواقعية و الظاهرية و إلّا لو كان