الملاك، اللهم إلّا إن يلتزم العراقي لدفع المحذور الثاني بتقييد الأمر التعييني بالجلوسية بعدم الإتيان بالقيامية، فلو أتى بالقيامية بعد ذلك لا يكون في حقه أمر بالصلاة الجلوسية.
و لكن هذا تصرّف في إطلاق الهيئة، و الكلام كان مبنيا على أن إطلاقها يقتضي التعيينية.
الوجه الخامس للإجزاء بتقيد الأمر الواقعي بالأمر الاضطراري
هذا الوجه بنى عليه المحقق الأصفهاني [1] و حاصله: أنّ الملاك، تارة يفرض قيامه بالجامع بين الصلاتين بحيث لو أتى المكلف بالجامع يكون وافيا بتمام الملاك، و أخرى يفرض قيام الملاك بالجامع لكن مرتبته العالية الشديدة لا تحصل بمطلق الجامع كيفما اتفق، بل تحصل محضا من خصوصية قائمة بالجامع، كالقيام و كرفع العطش الذي يحصل بالماء مطلقا، لكن المرتبة العالية منه لا تحصل إلّا بالماء البارد.
و إذا كان واقع الملاك قائما بالجامع، بحيث يتوقف تحصيل الخصوصية على تمام الجامع لحصلت الخصوصية بالإتيان بالجامع و انتهى الأمر، و لكن الخصوصية قائمة بخصوص الفعل الاختياري و هي ما به الامتياز كالقيام مثلا، و معنى هذا، أن الأمر يتوجه إلى القيام لا إلى الصلاة القيامية.
و على هذا، فالدال على الإجزاء هو الأمر بالصلاة ذات الخصوصية لا الخصوصية، و هذا غير محتمل، إذ لو كان إجزاء فلا أمر أصلا، و لو لم يكن إجزاء فهناك أمر متعلق بخصوصية ما به الامتياز.
و من هنا يصح أن مدلول الواقع غير محتمل، و ما هو محتمل لم يدل عليه دليل، و هذا لا يدل على الإجزاء، بل على إبطال دلالة الواقع على عدم الإجزاء، فيرجع في إثبات الإجزاء إلى الإطلاقات أو إلى أصل من الأصول.