منها أن الماء أخذ مفروغا عنه لذلك فلا تنحل إلى قضية شرطية، شرطها الماء، و هي «إذا وجد الماء فاغسل به»، و لذلك لو فرض انعدام الماء مع إمكان توليده، فلا يقتضي أن نولّد الماء حتى نغسل به.
و بعبارة أخرى، أنّ الماء مقدمة وجود لا مقدمة وجوب، إذن فلا ينحل هذا الخطاب إلى قضية شرطية بلحاظ الماء.
و صفوة القول، أنّ الانحلال و التعدد في طرف الموضوع، إنّما هو من شئون القضية الشرطية، و من شئون كون الحكم نسبته إلى الموضوع نسبة الجزاء إلى الشرط، و هذا إنما يكون مع الموضوع الرئيسي في القضية الحملية، لا مع كل متعلّق المتعلق، من قبيل «الماء» في خطاب «اغسل بالماء»، و لهذا كان العرف مطابقا مع النكتة، لأنّ العرف لا يفهم الانحلال في «الماء» في مثل هذا الخطاب كما يفهمه في «العالم» في «أكرم العالم».
الأمر السادس:
هو أنه رغم أننا ذكرنا أن الأمر و النهي غير متعدّدين بلحاظ متعلقيهما بمقتضى القاعدة إلا إذ وجدت قرينة على خلاف القاعدة، كما ذكرنا أنه رغم هذا، يوجد فرق آخر في حدود اقتضائهما في عالم الامتثال فالأمر يكفي في امتثاله فرد واحد، و الثاني لا يمتثل إلّا بإعدام تمام أفراده. و قد تقدم أن هذا مطلب آخر غير مسألة وحدة الحكم، فإن الحكم واحد فيهما و إنما الفرق بلحاظ سنخ الامتثال، فالأمر ايجاد للطبيعة و النهي إعدام لها و قد اعتقد جماعة من المتأخرين أن هذا المطلب مبني على مسألة فلسفية غير صحيحة، إذن فهو غير صحيح، فإنه لا يتعقل أن وجود الطبيعة يكفي فيه فرد، فلو قال «أكرم العالم» و «لا تكرم الفاسق» ففي الأمر، بلحاظ المتعلّق يوجد وجوب واحد و بلحاظ الموضوع يوجد وجوبات متعددة بتعدد العلماء و في النهي بلحاظ المتعلق و هو الإكرام، فإن مقتضى طبع القضية لو لم يكن هناك نكتة أخرى، هو أن يوجد تحريم واحد لا تحريمات متعددة، و بلحاظ الموضوع، و هو الفاسق يوجد تحريمات متعددة، فكل فاسق له حرمة خاصة به، لكن ليس لكل