و قد استحسن ما ذكره- إذا لم يتوافق عليه العقول [1]- غير واحد ممّن تأخّر عنه، منهم السيّد المحدّث الجزائريّ (قدّس سرّه) في أوائل شرح التهذيب على ما حكي عنه. قال بعد ذكر كلام المحدّث المتقدّم بطوله:
مدركات العقل منحصرا في المحسوسات و في الامور القريبة من الإحساس.
و ملخّص كلامه [1]: أنّ اعتبار الحكم الشرعيّ المكشوف بالعقل، مشروط بكونه من قبيل المحسوسات- نظير الواحد نصف الاثنين مثلا-، أو من قبيل ما كان مبادئه قريبا من الحسّ- نظير مسائل الحساب و الهندسة مثلا-، أو يكون ممّا اتّفق عليه العقول- نظير استحالة اجتماع الضدّين مثلا-، و إلّا لا يكون معتبرا أصلا، و كلّ ذلك قد سلّمه السيّد المحدّث الجزائريّ (رحمه اللّه)، على ما سيجيء توضيحه في ما بعد.
[1] لم ترد عبارة «إذا لم يتوافق عليه العقول» في أكثر النسخ، و وردت في النسخة المحشّاة بحواشي الشيخ رحمة اللّه (قدّس سرّه) بعد قوله: «من الإحساس» [2] و هو الصواب، و مراده (رحمه اللّه) الإشارة إلى الامور المختلف فيها عند العقول، فإنّها أيضا ليست حجّة أصلا، فتقدير الكلام هكذا: إنّ الامور المتّفق عليها العقول حجّة، و إن لم تكن من المحسوسات و لا من الامور القريبة من الحسّ.