و تحقيق المقام يقتضي ما ذهب إليه [1]. فإن قلت: قد عزلت العقل عن الحكم في الاصول و الفروع، فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل؟ [2]
قلت: أمّا البديهيّات فهي له وحده، و هو الحاكم فيها [3]. و أمّا النظريات [4]:
دائرة حكومة العقل عند المحدّث الجزائريّ (رحمه اللّه)
[1] هذا مقول قول السيّد المحدّث الجزائريّ (رحمه اللّه)، قال صاحب الأوثق (رحمه اللّه):
«خلاف هذا المحدّث مع المحدّث السابق بعد اعتباره ما اعتبره، في موضعين:
أحدهما: اعتبار هذا المحدّث حكم العقل في البديهيّات، و إن لم يكن ثبوتها من الشرع ضروريّا، بل كانت بديهيّة عند العقل- إلى أن قال-: ثانيهما: تقديمه الحكم العقليّ المعاضد بالنقليّ على الحكم النقليّ المعارض له ...» [1].
[2] إيراد من السيّد الجزائريّ (رحمه اللّه) على نفسه الشريفة، و ملخّصه: اعتزال العقل و انزاؤه عن الحكم يقتضي تصديق مذهب الأسترآباديّ؛ إذ مع تصديق كلام المحدّث الأسترآباديّ لا يبقى مورد يصلح أن يحكم العقل فيه اصولا و فروعا.
[3] إشارة إلى موارد يصلح أن يحكم فيها العقل وحده؛ نظير استحالة اجتماع الضدّين و النقيضين و ارتفاعهما، و نظير الكلّ أعظم من الجزء، و غيرهما من البديهيّات الأخر.
[4] قد عرفت أنّ النظريّات على قسمين:
أحدهما هي القريبة من الحسّ، التي يحكم فيها العقل وحده، و قد مرّ مثالها سابقا ضمن قولنا: إنّ نقيض السالبة الكلّيّة هي الموجبة الجزئيّة و بالعكس.