و أما غير قصد الامتثال من وجوه قصد القربة، كقصد محبوبية الفعل المأمور به الذاتية باعتبار أن كل مأمور به لا بد أن يكون محبوبا للآمر و مرغوبا فيه عنده، و كقصد التقرب إلى اللّه تعالى محضا بالفعل لا من جهة قصد امتثال أمره بل رجاء لرضاه، و نحو ذلك من وجوه قصد القربة فإن كل هذه الوجوه لا مانع قطعا من أخذها قيدا للمأمور به، و لا يلزم المحال الذي ذكروه في أخذ قصد الامتثال على ما سيأتي.
و لكن الشأن في أن هذه الوجوه هل هي مأخوذة في المأمور به فعلا على نحو لا تكون العبادة عبادة إلا بها؟.
الحق أنه لم يؤخذ شيء منها في المأمور به. و الدليل على ذلك ما نجده من الاتفاق على صحة العبادة- كالصلاة مثلا- إذا أتى بها بداعي أمرها مع عدم قصد الوجوه الأخرى. و لو كان غير قصد الامتثال
أقول: إن قصد القربة كلي تحته ثلاثة أصناف.
الأول: قصد امتثال الأمر.
الثاني: قصد الإسناد إلى الله تعالى كقوله افعله لأنه محبوب لله أو لأنه مرغوب لله أو لأنه يحسنه الله أو لأن الله يرى في عمله مصلحة.
الثالث: قصد الصفات الموجودة في الفعل كقصد حسن الفعل أو كونه ذا مصلحة أو كونه مقربا إلى الله تعالى.
فنقول ذكر المصنف (ره) أمرين.
الأول: أنه لا ريب في جواز تقييد الواجب بالقيود من الصنف الثالث.
الثاني: إن قيود الصنف الثالث لم تؤخذ شرطا في أي واجب من الواجبات الشرعية.
أقول أما الأمر الأول فلا ريب في صحته إذا فرض أن الفعل بذاته حسن و لو لم يقصد به شيء ضرورة أن هذا القصد لا يرد عليه شيء من الإشكالات الآتية.