اللفظ في معنى بما له من الخصوصيات مرة واحدة تستلزم صحته دائما سواء كان حقيقة أم مجازا. فالإطراد لا يختص بالحقيقة حتى يكون علامة لها.
قرائن و مع وجود مقام يقتضي المجاز فإذا فقدت القرائن لم يجز الاستعمال المجازي فلا يجوز أن تقول رأيت القمر و أنت تريد (هند الجميلة) إلّا إذا نصبت القرينة على مرادك و كذا إذا فقد المقام المناسب لم يجز الاستعمال المجازي فإذا كنت في مقام شتم هند و لعنها لم يجز لك أن تقول (لعن الله القمر) و كذا إذا كنت في مقام ذم زيد و لعنه لا تقول (لعن الله الأسد و أحرق داره) و لو قلت ذلك ضحك عليك الناس.
و من هنا فإذا وجدنا أبناء اللغة يستعملون اللفظ في هذا المعنى في جميع المقامات و سواء مع القرينة او بدونها علمنا أن اللفظ حقيقة على المعنى.
فانقدح أن الإطراد بمعنى صحة و حسن استعمال اللفظ في المعنى في كافة المقامات من أقوى علامات الحقيقة بل بها تحصل اللغات و يعرف أبناء اللغة لغتهم و تصير الحقيقة حقيقة.
قوله (ره): (تستلزم صحته دائما ...).
أقول وجه الاستلزام ما عرفته من أن العلاقة المسوغة للمجاز موجودة بين المعنى المجازي و المعنى الحقيقي و إذا وجدت فهي لا تزول إلّا بتغير أحد المعنيين و المفروض بقاء المعنى الحقيقي على حاله و المعنى المجازي على حاله فيجب كون العلاقة دائمية فوجب جواز المجاز دائما و من ثم فلا يعلم أن الإطراد كان بسبب الحقيقة. و قد فصلنا ذلك آنفا فراجع.