المعنى الكلي مجازيا او حقيقيا فإن الاستعمال لا دخالة له في انطباق الكلي على مصاديقه. و الحاصل أن عندنا قضيتين.
الأولى: ان اللفظ إن جاز استعماله في معنى كلي مرة واحدة جاز دائما لوجود العلاقة المسوغة للاستعمال دائما سواء كانت علاقة وضع ام علاقة مجاز.
الثانية: أن المعنى الكلي يجب انطباقه عقلا على جميع مصاديقه فيستحيل عدم صدق الكلي على مصداقه و هذه القضية عقلية واضحة.
فينتج من ضم المقدمة الثانية الى الأولى ان اللفظ إن استعمل في معنى كلي و طبق على مصداق من مصاديقه وجب جواز استعمال اللفظ في نفس هذا المعنى الكلي مطبقا على جميع المصاديق.
و أما ما ذكره من عدم صدق الأسد على النملة الشجاعة و لو مجازا فإنما يكشف عن ان المعنى المجازي للأسد ليس مطلق الشجاع و إلّا وجب انطباقه على النملة الشجاعة بل هو الشجاع المقيد بقيود تخرج النملة و اشباهها.
فتحصل أن الإطراد بالمعنى الثاني أيضا ليس علامة على الحقيقة هذا كله محصل كلام المصنف (ره).
و لكن الحق الذي لا يعتريه الريب أن الإطراد من أقوى علامات الوضع بل لا يصير الوضع وضعا إلّا بالاطّراد فإن ابناء اللغة من طفولتهم لا يعرفون لغتهم إلّا برؤيتهم اطّراد استعمال اللفظ في المعنى. فلو لم يكن الإطراد علامة على الحقيقة كان جميع أبناء اللغة لا يعرفون لغتهم ضرورة أنه لا طريق لهم الى معرفة لغتهم إلّا الإطراد.
و إني لا ينقضي عجبي ممن انكر علامية الإطراد مع قبوله بعلامية التبادر مع أن التبادر إنما كان معلولا لشيء في ذهن الإنسان و هذا الشيء كان معلولا للاطراد الذي تكرر على الذهن.
و كيف كان فالإطراد علامة و ذلك لأن المجاز لا يجوز إلّا مع وجود