في المسجد فجمع بينهما لم يمتثل حيث إنّ أمر دخول المسجد يكون مشروطا بعصيان أمر القراءة، فإذا في المقام على ما قلنا لا يمكن الجمع بين الأمرين أصلا و ممّا يؤيد جواز الترتّب أنّ الشيخ أعلى اللّه مقامه قال في التعادل و التراجيح في مقام المعارضة بين الدليلين أنّه لو كان أحد الدليلين مشروطا بالآخر لا يلزم التعارض، مثلا إذا دلّ أحد الدليلين على إقامة الصلاة في أوّل الظهر و قام دليل آخر على وجوب الإزالة في أوّل الظهر فيكون بينهما تعارض، و لكن لو دلّ دليل وجوب الصلاة في أوّل الظهر بأنّه صلّ في أوّل الظهر إن لم تزل النجاسة عن المسجد و دلّ دليل وجوب الإزالة بأنّه أزل النجاسة عن المسجد في أوّل الظهر إن لم تصل لم يكن بينهما معارضة أصلا، حيث إنّ الدليلين لم يكونا مطلقين بل يكون الدليلان مشروطين، فلو كانت مشروطية الدليلين ترفع المعارضة و المزاحمة بينهما فكذلك لو كان أحد الدليلين مشروطا أيضا يرفع المعارضة، و السرّ في كلّ من الصورتين هو أنّ المعارضة بينهما تكون لأجل إطلاقهما، فإذا كان أحدهما مشروطا بعدم الآخر أو كلاهما مشروطا يرفع المعارضة، هذا حاصل هذه المقدمة.
أمّا الجواب فنقول:
أمّا أوّلا: بأنّ ما قاله من أنّ المحذور في المقام يكون هو لزوم الأمر بالجمع ففاسد، لما قلنا سابقا من أنّ المحذور في المقام هو أنّ في آن واحد جذب قدرتان من ناحية الأمرين مع أنّه ليس للمكلّف إلّا قدرة واحدة، و هذا غير معقول بمعنى أنّه بعد ما كان مقتضى كلّ من الأمرين أن المكلّف يصرف قدرته فيه، فكلّ من الأمرين يدعوان الى نفسه، و الحال أنّ المكلّف لا يمكن أن يجيب دعوتهما؛ لأنّ المكلّف له قدرة واحدة و الأمران يلزم قدرتين، فتوجّه الأمرين في آن واحد محال لهذا المحذور لا لأنّ المستفاد من الأمرين أمر آخر و هو الأمر بالجمع.
إذا عرفت هذا فبعد عدم قدرتين للمكلّف حتى تصرف في الأمرين بل له قدرة