و أمّا بطلان القول بعدم تعبّده بشيء فأوضح، لاستلزامه كمال النقص و كونه أسوأ حالا من آحاد الناس، مع ما ورد ممّا كان يفعله من الأعمال و الحجّ في الأخبار.
و أمّا بعد البعثة، فالحقّ أيضا أنّه لم يكن متعبّدا بشريعة من قبله، و توافقه مع غيره في كثير منها ليس نفس المتابعة.
و اختلف الناس فيه أيضا.
فقال بعضهم بمتابعة شرع من قبله في الجملة، مستدلّا بظواهر بعض الآيات.
لنا: ما تقدّم من الأدلّة: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى،[1] و أنّ شرعه كان ناسخا و كان ينتظر الوحي في كلّ مسألة و لا يتمسّك بالأديان السّابقة، و إخباره عن التوراة برجم الزّانية لإتمام الحجّة على اليهود و إظهار علمه.
و أمّا الآيات مثل قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ[2] و:
فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[3] و: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً،[4] فهي محمولة على أصول العقائد، و إلّا فلم يجز النّسخ، سيّما مع ملاحظة قوله تعالى: