قانون الحقّ أنّ نبيّنا (صلى الله عليه و آله) قبل البعثة كان متعبّدا،
و لكن لا بشريعة من قبله من الأنبياء (عليهم السلام).
و قيل: لم يكن متعبّدا بشيء.
و قيل: كان متعبّدا بشريعة من قبله على اختلاف في مذاهبهم [1]، فقيل: بشريعة نوح (عليه السلام)، و قيل: بإبراهيم (عليه السلام)، و قيل: بموسى (عليه السلام)، و قيل: بعيسى (عليه السلام)، و قيل: بكلّ الشّرائع، و قيل بالوقف [2].
لنا: أنّ ضرورة ديننا يقتضي أفضليّته (صلى الله عليه و آله) عن كلّ الأنبياء، و فيما ذكروه يلزم تقديم المفضول، و هو قبيح.
و لأنّه لو كان كذا، لكان إمّا بالوحي أو بالتعليم من علمائهم.
و الأوّل هو معنى الرّسالة، و الموافقة لا يقتضي المتابعة.
و أمّا الثاني، فلو ثبت لافتخر أهل الأديان بذلك، و لو افتخروا به لشاع، و لم يعاشر أهل الكتاب و لم يأخذ منهم شيئا و إلّا فالعادة تقتضي بنقله، و لا من كتبهم، لأنّه (صلى الله عليه و آله) كان امّيا لا يقرأ و لا يكتب مع ما روى الخاصّة و العامّة أنّه (صلى الله عليه و آله) قال: «كنت نبيّا و آدم (عليه السلام) بين الماء و الطين» [3]. و أيضا كون عيسى في المهد نبيّا و يحيى في الصّبى دون نبيّنا (صلى الله عليه و آله) إلى أربعين سنة ينافي أفضليّته.