و إمّا لفظيّة كحمل آية الصدقة على بيان المصرف لا الاستحقاق و الملك، بقرينة ملاحظة ما قبلها و هو قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ. [1] فالآية ردّ عليهم و ردع عمّا اعتقدوا أنّه يجور في ذلك، بل إنّه يصرفه في مصرفه.
و ثمرة ذلك عدم وجوب التوزيع على الأصناف [2]، و إحاطتهم.
و ربّما تكون القرينة مفصولة، مثل الأخبار المخصوصة بالسّنّة و الإجماع و غيرهما. و إن شئت جعلت المجازات كلّها من باب المأوّل بالنسبة الى اللّفظ مع قطع النظر عن القرينة سواء قارنها القرينة أو فارقها، فمع ملاحظة الهيئة المركّبة من اللفظ و القرينة ظاهر، و مع قطع النظر عن القرينة مأوّل، و هو بعيد.
و التحقيق أن يقال: إنّ المجاز ما اقترن بالقرينة الدالّة على خلاف ما وضع له اللّفظ، و المأوّل ما لم يقترن به. و على هذا فاليد في الآية ليست بمجاز، بل هي ظاهرة في معناها الحقيقي عند عامّة العرب، محمولة على خلاف ظاهرها عند أهل المعرفة، و القرينة على هذا الحمل هو العقل. و على هذا يظهر الفرق بين قولنا:
رأيت أسدا يرمي، و بين: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.
و على هذا فكلّ المجملات التي لها ظاهر و تأخّر بياناتها عن وقت الخطاب مؤوّلات، و كذلك العمومات المخصّصة بما هو مفصول عنها، و أطلق عليها المجاز توسّعا من أجل احتمال أن يكون القائل أراد منها حين التكلّم ما ظهر إرادته