قانون إذا خصّ العامّ، ففي كونه حقيقة في الباقي أو مجازا أقوال [1]
. و قبل الخوض في المبحث، لا بدّ من تمهيد مقدّمات:
الأولى: أنّ الغرض من وضع الألفاظ المفردة
ليس إفادة معانيها، لاستحالة إفادتها لغير العالم بالوضع. و استفادة العالم بالوضع أيضا غير ممكن، لاستلزامه الدّور [2]، لأنّ العلم بالوضع مستلزم للعلم بالمعنى و اللّفظ، و وضع اللّفظ للمعنى، فالعلم بالمعنى متقدّم [مقدّم] على العلم بالمعنى، بل إنّما المقصود من وضعها تفهيم ما يتركّب من معانيها بواسطة تركيب ألفاظها الدّالّة عليها للعالم بالوضع.
[1] فقال قوم من الفقهاء: إنّه لا يصير مجازا كيف كان التخصيص، و قال أبو علي و أبو هاشم يصير مجازا كيف كان التخصيص، و منهم من فصّل، و قال أبو الحسين: إنّ القرينة المخصّصة إن استقلّت بنفسها صارت مجازا و إلّا فلا، و هو مختار الرازي أيضا في «المحصول»: 2/ 532، و في «المعالم»: ص 276: إذا خصّ العام و أريد به الباقي فهو مجاز مطلقا على الأقوى وفاقا للشيخ و المحقق و العلّامة في أحد قوليه و كثير من أهل الخلاف، ثمّ فصّل ابن الشهيد بحثه، و أمّا العلّامة في «مباديه»: ص 131: الحق أنّه مجاز إن خصّ بمنفصل عقليا كان أو نقليا، و حقيقة إن كان متصلا. و أمّا في «التهذيب»: ص 136 فصّل.
[2] و تقرير الدّور انّ استفادة المعنى من اللّفظ أي العلم به موقوف على العلم بالوضع، و العلم بالوضع موقوف على العلم بالمعنى. أما الأولى فواضحة، و أما الثانية فلما ذكره المصنّف في قوله: لأنّ العلم بالوضع مستلزم ... الخ. فالطرفان معلومان، و ما هو مذكور تقريبا للمقدمة الثالثة و الدور مصرّح.