فإمّا أن يعلم تاريخهما بالاقتران أو تقدّم الخاصّ أو تقدّم العامّ أو يجهل تاريخهما، و إن كان بجهالة تاريخ أحدهما، فهذه أقسام أربعة.
و اعلم أنّ مراد الأصوليين بالعام و الخاصّ في هذا المبحث هو العامّ و الخاصّ المطلقان، فإنّ العامّين من وجه لا يمكن أن يكون موضوعا لهذا المبحث، لأنّه لا يقال لهما العامّ و الخاصّ على الإطلاق، بل هما عامّان من وجه، و خاصّان من وجه، و لأنّ الأدلّة المذكورة في هذا المبحث لا تنطبق إلّا على الأوّل كما لا يخفى على من تأمّلها. فقد تراهم يجعلون في طيّ هذه الأدلّة؛ الخاصّ بيانا للعامّ و يفرّعون الكلام فيه على جواز تأخير البيان، و هو لا يتمّ في الثاني [2]، إذ كلّ منهما متّصف بما اتّصف به الآخر من استعداد البيانيّة و المبينيّة و صيرورة أحدهما بيانا للآخر في بعض الأوقات، و تخصيصه للآخر ليس بذاته، بل إنّما هو بضميمة المرجّحات الخارجية التي قدّمته على الآخر.
و أيضا قولهم في الصّورة الآتية: بني العامّ على الخاصّ اتّفاقا أو على الأقوى أو نحو ذلك [3]، لا يجري في الثاني [4]، إذ لو أريد من بناء العامّ على الخاصّ في
[1] و الغرض من هذا القيد الاحتراز عما هو متوافقي الظاهر، بأن يكون كلاهما مشتملين على حكم الإباحي أو التحريمي.