الثاني بناء كلّ منهما على الآخر فيلزم تساقطهما جميعا و بطلانهما رأسا كما لا يخفى، و إن أريد بناء أحدهما على الآخر، فيلزم الترجيح بلا مرجّح، و لا مرجّح في أنفسهما كما هو المفروض، أي من حيث محض العموم و الخصوص، و الاعتماد على المرجّحات الخارجيّة ليس من جهة بناء العامّ على الخاصّ، بل من جهة ترجيح أحدهما على الآخر في مادّة التعارض.
و بالجملة، المعارضة بين العامّين بالمعنى الثاني مثل المعارضة بين المتناقضين، لا بدّ فيه من ملاحظة المرجّحات الخارجيّة في التخصيص، يعني بعد ملاحظة المقاومة و نفي رجحان أحدهما على الآخر أوّلا لاشتراك هذا المعنى بين المعنيين [1].
و قد غفل بعض الأعاظم [2] هنا و عمّم البحث، و استشهد ببعض الشواهد الذي لا يشهد له بشيء. و منشأ اختلاط الأمر عليه اختلاط مباحث التخصيص و مبحث كيفيّة بناء العامّ على الخاصّ في بعض الكتب الأصوليّة، و أنت خبير بأنّهما مقامان متفاوتان فصّل بينهما في كثير من كتب الاصول. فمن الشواهد الذي ذكره [3]: أنّ محقّقي الأصوليّين استدلّوا في هذه المسألة على جواز تخصيص الكتاب بالكتاب بآيتي عدّة الحامل و المتوفّى عنها زوجها [4]، مع أنّ بينهما عموما من وجه.