لنا: أنّ المقتضي- و هو اللّفظ الموضوع للعموم- موجود، و المانع مفقود، و ما يتصوّر مانعا سنبطله، و لعمل العلماء و الصحابة و التّابعين على العمومات الواردة على أسباب خاصّة، بحيث يظهر منهم الإجماع على ذلك، كما لا يخفى ذلك على من تتبّع الآثار و كلام الأخيار.
احتجّوا: بأنّه لو كان عامّا في السّبب [1] و غيره، لفاتت المطابقة بين الجواب و السّؤال.
و فيه: أنّ المطابقة إنّما يحصل بإفادة مقتضى السّؤال، و الزيادة لا تنفي ذلك مع ما فيه من كثرة الإفادة، و بأنّه لو كان يعمّ غير السّبب لجاز تخصيص السّبب و إخراجه بالاجتهاد كما يجوز في غيره، و التالي باطل [2] و المقدّم مثله.
- و صرّح عن «المبادئ»: بأنّه ليس مخصّصا خلافا للشافعي، هذا و قد ذكر على حاشية «التبصرة في اصول الفقه»: ص 145 بأنّه: قد نسب إمام الحرمين في «البرهان» كما قاله ابن السبكي- نسب هذا القول [أي السبب مخصّص للجواب] للشافعي فقال: و هو الذي صحّ عندنا من مذهب الشافعي و تبع ابن الحاجب إمام الحرمين في هذه النسبة، و لكن الحق الصريح و القول الصحيح أنّه الإمام الشافعي لم يقلّ به أبدا، و الفروع الفقهية التي أوردها في «الامّ» و غيره تدلّ على أنّه كان يذهب مذهب الجمهور في هذه المسألة، و من فهم منه أنّه يقول بخصوص السبب إنّما فهمه على غير حقيقته. و قد أطال ابن السبكي في الكلام عنه في كتابيه «رفع الحاجب»:
1/ 378 و «الإبهاج»: 2/ 117 و بيّن أنّ مذهبه مذهب الجمهور، و قال الاسنوي في شرحه على البيضاوي في رده على الجويني: و ما قاله الإمام مردود فإنّ الشافعي قد نصّ على أنّ السبب لا أثر له. فقال في «الأم» في باب ما يقع به الطلاق و ما يصنع السّبب شيئا إنّما تصنعه الألفاظ. راجع «ميزان الأصول»: 1/ 481.