و بأنّ [1] المقدّمة لو لم تكن واجبة لجاز تركها، و حينئذ فإن بقي التكليف لزم التكليف بالمحال و إلّا لزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا، و كلاهما باطلان، و أنّ العقلاء يذمّون تارك المقدّمة مطلقا.
و الجواب عن الأوّل: أنّ الإجماع في المسائل الاصولية غير ثابت الحجّية، و دعوى بعضهم الضّرورة مع دعوى الجماعة الإجماع يقرب كون مراد الأكثرين أيضا الوجوب بالمعنى الذي اخترناه، لا الوجوب الأصليّ، لغاية بعده.
و نجيب أوّلا: بالنقض بما لو ترك عصيانا على القول بالوجوب، إذ لا مدخليّة في الوجوب في القدرة.
فإن قلت: العصيان موجب لحصول التكليف بالمحال و لا مانع منه إذا كان السّبب هو المكلّف، كما فيمن دخل دار قوم غصبا، أو زنى بامرأة، فهو مكلّف بالخروج و عدمه، و إخراج فرجه من فرجها و عدمه.
قلنا: فيما نحن فيه أيضا صار المكلّف هو سببا للتكليف بالمحال، لأنّ الفعل كان مقدورا له أوّلا فهو بنفسه جعله غير مقدور.
و ثانيا: بالحلّ و هو أنّ المقدور لا يصير ممتنعا، إذ الممتنع هو التكليف بشرط عدم المقدّمة لا حال عدم المقدّمة، نظير تكليف الكفّار بالفروع حال الكفر.
و إن فرضت الكلام في آخر أوقات الإمكان على ما هو مقتضى جواز الترك، فنلتزم بقاء التكليف أيضا لعدم استحالة مثل هذا التكليف، لأنه بنفسه تسبّب