و ممّا يؤيّد ما ذكرنا [1]، من أنّهم يقولون بثبوت العقاب، استدلالهم في دلالة الأمر بالشيء على النّهي عن الضدّ، بأنّ ترك الضدّ واجب من باب المقدّمة فيكون فعله حراما، فثبت حرمة الضدّ، و يترتّب عليه أحكامه من الفساد و غيره.
فإنّ القائل بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النّهي عن الضدّ، ليس مراده طلب الترك التبعيّ كما سنحقّقه، بل مراده الخطاب الأصلي. و وجه التأييد أنّ النّهي المستلزم للفساد ليس إلّا ما كان فاعله معاقبا.
السابعة: دلالة الالتزام إمّا لفظيّة و إمّا عقليّة.
و اللّفظيّة على قسمين: إمّا بيّن بالمعنى الأخصّ، لدلالة صيغة افعل على الحتم و الإلزام عند من يدّعي التبادر فيه كما هو الحق، و المراد به دلالة اللّفظ عليه، و كونه مقصود اللّافظ أيضا.
و إمّا بيّن بالمعنى الأعمّ كدلالة الأمر بالشّيء على النّهي عن الضدّ العامّ، بمعنى الترك.
فبعد التأمّل في الطرفين و النسبة بينهما، يعرف كون ذلك مقصود المتكلّم أيضا بذلك الخطاب.
و أمّا العقليّة، فهو أن يحكم العقل بعد التأمّل في الخطاب و في شيء آخر، كون ذلك الشيء لازما مرادا عند المتكلّم، و إن لم يدلّ عليه ذلك الخطاب بالوضع و لم
- الصلاة توصلي، فعدم اجتماعه مع الحرام، و كونه باطلا على تقدير اجتماعه معه إنّما هو باعتبار كونه توقيفيا لا من جهة كونه توصليا، و كون وجوبه حاصلا من إيجاب ذي المقدمة.
[1] من أنّ القائلين بوجوب المقدمة يقولون في ثبوت العقاب على ترك المقدمة دون ما ذكره صاحب «الفوائد»، استدلالهم في دلالة الأمر بالشيء عن النهي عن الضدّ ... الخ.